القاسم بن الحسن مدرسة الشباب
بقلم سماحة السيد فاضل الموسوي الجابري
بسمه تعالى
لا شك بان مرحلة الشباب في حياة الانسان تعتبر من اهم المراحل العمرية ، لانها تعني القوة والعنفوان والقدرة على انجاز المهمات . وهي اطول مراحل الحياة من حيث العدة والمدة والشدة.
وهذه المرحلة العمرية يمكن ان تستغل افضل استغلال لبناء الدنيا والآخرة اذا ما اهتم المربون في بناء شخصية أبنائهم وبناتهم بالشكل الصحيح ، لانه في هذا الظرف يكون الشاب كالارض الخالية ينبت فيها كل زرع ، فلابد ان ننظر اي زرع ننبته في قلب وعقل روح ذلك الشاب .
والقاسم بن الحسن المجتبى (ع) هو احد النماذج الراقية التي يقتدى بها من قبل الشباب ، حيث يتمتع بجملة من الخصائص والصفات الكريمة التي اذا ما استطاع الشباب ان يتمثلوها و يطبقوها فسوف ينالون الكمال والمجد كما ناله القاسم بن الحسن مع حفظ الفوارق . ان شاء آلله تعالى .
ويمكن ان نلخصها بما يلي :
اولا: الاعتزاز والحفاظ على النسب الشريف الذي لا يدانيه نسب ، والذي راح يفتخر به القاسم الى اخر لحظات حياته حينا يقول : ان تنكروني فانا نجل الحسن * سبط النبي المصطفى والمؤتمن.
فالمهم هو الحفاظ على نسب العائلة وعدم التفريط به امام الشهوات والملذات وغير ذلك .
فعلى أحبتنا الشباب الحفاظ على الهوية وعدم تعريض سمعة عوائلهم الى الهتك والازدراء بسبب تصرفات صبيانيه طائشة، وان يعتزوا بعوائلهم ونسبهم وحسبهم الذي انحدروا منه .
ثانيا : كان القاسم (ع)ممن وطن نفسه على الشهادة في سبيل الله والمبادئ التي خرج من أجلها عمه الامام الحسين عليه السلام . ولذا لما سمع عمه الحسين سلام الله عليه في ليلة العاشر من شهر محرم ينعى نفسه وينعى اصحابه ويخبر الحاضرين بأنهم سوف يقتلون غداً جميعاً، هنالك انبرى سائلاً: يا عماه هل اكون انا ايضاً ممن يقتل غداً؟
وقبل ان يجيبه سلام الله عليه، سأله كيف الموت عندك؟
قال بكل عفوية: يا عماه في نصرتك احلى من العسل.
فعلى الشباب الرسالي المؤمن ان لا يبالوا بالموت في سبيل الله ، لان الموت قنطرة الى الاخرة والنعيم المقيم الابدي عند الله تعالى . فكلمة احلى من العسل التي وصف بها القاسم الموت تبرز مدى ايمانه وعقيدته الراسخة في ثورة عمه سلام ألله عليه .
فيا شباب الاسلام انتم من تنصرون الحق ، وانتم اليد الضاربة للدين والوطن ، فلا تخافوا من الموت فانه لحظة صبر وبعدها الكرامة والسعادة الأبدية، فلا تترددوا في تحمل مسؤلياتكم للوقوف في وجه اعداء الدين والوطن .
ثالثا: ان القاسم عليه السلام كان يحمل الغيرة الهاشمية على العيال من النساء والاطفال، فهو لا يعبأ بالموت الا انه حريص كل الحرص على حفظ حرمة عائلته وعدم هتك ستر النساء ونظر الاجانب اليهن او تعرضهن للتوهين والاساءة . ولذا حينما سال عمه عمن يقتل ايضا اجابه الامام الحسين عليه السلام بانه ممن يقتل ابنه الرضيع عبد الله فانتفض الفتى وسأله: يا عماه هل يصل العدو إلى المخيم؟
فانتفاضته امام الخبر الذي وصل إليه بأن عبد الله الرضيع يقتل ليست ناتجة عن تاثره بخبر شهادة ابن عمه الصغير، على الرغم من كون ذلك يعتبرحدثا كبيرا وينثير الماً شديداً ، ولكن القاسم في حقيقة الامر انتفض غيرة على النساء، وانه كيف يصلون إلى المخيم. وهكذا كانت نفسية هذا الفتى الهاشمي تتلخص في كلمتين؛ (في نصرة الحق)، و(في الغيرة على الحق).
فعلى الشباب الاعزاء ان يتعلموا من القاسم غيرتهم على أعراضهم وناموسهم ولا يسمحوا باي حال من الأحوال لاحد المساس بها او جعلها عرضة للقاصي والداني .
رابعا : الحفاظ على الهيبة والكرامة حتى في اشد الظروف حيث بلغت القلوب الحناجر ، فانه لما انقطع شسع نعله لم يهتم بكل هذه الجيوش وهو في وسط المعركة، وراح يصلح النعل حتى لا يراه الأعداء حافي القدمين ، فليس من شانه الخروج امام الناس بالمظهر غير اللائق .
فعلى الشباب الحسيني ان يهتموا في مبلسهم ومظهرهم لانها تعكس شخصياتهم ، فيجب ان تكون وفق الضوابط الشرعية والعرفية العامة .
خامسا : الاحترام الكامل لعمه الحسين عليه السلام والالتزام بقوله وعدم التصرف الا باذنه ،وهذا ما يفسر استأذانه من عمه للبراز ، وحينما رفض الحسين في البداية خروجه الى المعركة حرصا عليه ، ولانه وديعة اخيه الحسن عليه السلام ، رجع الى الخيمة من دون نقاش ، الا انه لم ييأس وعاود الاستأذان من عمه مرة اخرى بكل ادب واحترام ، مبينا وجهة نظره بكل منطق حكيم ، مبديا استعدادة للموت في سبيل المبادئ العيا للاسلام . وبالفعل اذن له الامام بعد ذلك، ونال كرامة الشهادة بعد ان ابلى بلاء حسنا في مقارعة الاعداء .
فعلى الشباب التعلم من القاسم احترام الاباء والاعمام والاقرباء والقادة والاكابر، والتقيد بتوجيهاتهم وارشاداتهم و اوامرهم ، لان ذلك من الفضائل الكريمة والشيم المرضية ، فلا يصح ان يضرب رأي الاب او العم عرض الجدار ويقوم الشاب بالتصرف من دون استاذان منهم . او يقوم بالتمرد و العصيان بحجة كونه اصبح كبيرا .
سادسا : تمتعه بالقدرات القتالية المختلفة ، فعلى الرغم من كون القاسم صغير السن بالنسبة إلى الحرب والمعارك ، الا ان خبرته القتالية كانت عالية جدا ، بحيث تعجب الاعداء من أدائه القتالي ، ولذلك استطاع ان يقتل العديد من الابطال في تلك المعركة ، ولولا الغدر واستغلال اشتغاله بإصلاح نعله لكان قتله عصيا على الاعداء ولما استطاعوا النيل منه بسهوله . وكيف لا يكون كذلك وهو نجل الحسن عليه السلام. وهذا معناه الاستعداد المسبق من خلال التدريب على فنون القتال وخوض المعارك .
فعلى شبابنا الاعزاء الاستعداد المسبق والتدريب على القتال وعدم انتظار حصول الحرب حتى نبدا بالتدريب ، و يجب ان يكونوا على استعداد دائم للقتال والجهاد في سبيل الله . خصوصا ونحن ننتظر امامنا صاحب العصر والزمان عليه السلام لكي نلتحق بجيشه ، و نخوض معه المعركة الكبرى وفتح الفتوح ان شاء الله تعالى .
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا شفاعة سيدنا القاسم بن الحسن وشفاعة ابيه وعمه عليهما السلام .
السيد فاضل الموسوي الجابري
النجف الاشرف