الانتفاع الامثل من الشعائر الحسينية
بقلم سماحة الشيخ حميد وناس ال عجمي
ورد في كتاب كامل الزيارات ص ٧٥ باب ٢٤ ح ١٥ ، في كتاب الإمام الحسين عليه السلام الذي بعثه لبني هاشم: (من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح، والسلام).
كثير ما يثار سؤال حول الكيفية التي يمكن بها الانتفاع من الشعائر الحسينية بأكمل الصور، وتحقيق ارتباط عاطفي وروحي حقيقي ودائم مع الإمام الحسين عليه السلام، لأنه وكما هو واضح: أن الناس ينتفعون من الشعائر الحسينية بدرجات متفاوتة، ولكل منهم نوع خاص من العلاقة مع الإمام الحسين عليه السلام بعضها شكلي سطحي يمتد لعشرة ليالي فقط في محرم، وبعضها الاخر حقيقي وعميق جدا يمتد لاعماق الفرد الروحية والعقلية..؟؟
والجواب على هذا السؤال المهم ينطلق من عبارة الإمام الحسين عليه السلام السابقة: (من لحق بي أُستشهد، ومن لم يلحق بي لم يُدرك الفتح، والسلام)، فالفتح هو إزالة اسباب الاغلاق مع الغلبة والسطوة للشخص الفاتح، أما الشهادة فهي الحضور مع المشاهدة بالبصر او البصيرة، والإمام الحسين عليه السلام يبين هنا قانونا عاما ينص على: أن اللحوق به سيكون سببا للاستشهاد وادراك الفتح، وتوضيح هذا القانون وتطبيقه على مورد السؤال يحتاج لبسط الكلام، فأقول:
أن كل شخص يشارك في الشعائر ونصرة القضية الحسينية، بمال يبذله او قلم يجريه او دمعة يسكبها او تفكر وتفاعل روحي، إنما يحاول أن يفتح له بابا للوصول لرضا وقبول الإمام الحسين عليه السلام، وبقدر إخلاص هذا الشخص وطبيعة ما يبذله، ينفتح له الباب فعلا، فيلحق بالركب الحسيني وينال البركة، ويصير من اهل المشاهدة لتلك البركة عمليا.
فمثلا من يكتفي ببذل المال سينال البركة في ماله ويشاهد المنح المالية الواردة اليه من الإمام الحسين عليه السلام، ومن يبذل علمه وفكره سينال أيضا البركة العلمية والفكرية، ومن يبذل بدنه ودمه فحقه الخلود الذي يناله الشهداء الذين تسفك دمائهم في سبيل الله تعالى.
ولا يمكن أن تتداخل هذا الأبواب، فينال باذل المال البركة العلمية، أو ينال باذل الدم البركة المالية، وهنا يتضح الجواب على السؤال السابق، فيكون على الفرد الحسيني اولا ان يحدد نوع الفتح الذي يريد الوصول اليه عن طريق الشعائر الحسينية، فيقدم البذل المناسب لذلك الفتح: مالا او علما او دما او غيرها.
وهذا القانون جرى في واقعة الطف يوم عاشوراء، فجون العبد الأسود طمع في أواخر حياته بأن يمتزج دمه بدم ال محمد ليطيب ريحه ويحسن لونه، فنال هذا الفتح، فكان من يمر بجسده الطاهر الملقى في الميدان يشم ريح المسك منه، أما سيدنا ابا الفضل العباس عليه السلام فخرج للنصرة رافعا شعار: إني أحامي ابدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين، فحصل له الفتح بما يتناسب وهدفه فنال أعلى درجات الكرامة الدينية والترحم والترضي من الائمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.
وفي عصرنا الحاضر من يبتدأ صلاته بالسلام على الإمام الحسين عليه السلام ويستشعر أثر التضحية الحسينية في بقاء هذه الصلاة، سينال الفتح في صلاته، ومن يكتب او يخطب من أجل الإمام الحسين عليه السلام له الفتح العلمي في الكتابة والخطابة وهكذا.
والنتيجة: أن الإمام الحسين عليه السلام باب فتحه الله لعباده لينالوا البركة وتنزل عليهم الرحمة، والشخص هو الذي يحدد نوع ودرجة هذه البركة وتلك الرحمة، ومن جعل كيانه كله للإمام الحسين عليه السلام: لسانه ويده وسمعه وبصره، وروحه ونفسه وتفكيره، وماله وما رزقه الله تعالى، نال تمام البركة ونزلت عليه كل الرحمة الإلهية.