شرح زيارة الأربعين ... الحلقة الثانية ... تحيتهم فيها سلام
بقلم فضيلة الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي
تحيتهم فيها سلام :
((السلام على ولي الله وحبيبه))
السلام لغة ، بمعنى الخلوص، سلم يعني خلص من الآفات والأمراض والمضار والنقص، من كمل بلحاظ نقص وخلص منه سلم من ذلك النقص.
فما معنى أن يسلم الإنسان على المعصوم في هذا الأمر يوجد رايان.
الأول: ان جملة السلام هي دعاء إلى الله بان يجعلك خالي من النقص والعيوب اي بمعنى التحية وهي جملة انشائية ، وفعلاً الله سبحانه وتعالى جعل الامام الحسين عليه السلام كما في نفس الزيارة وليه وحبيبه ، فهو من أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
الثاني: ان جملة السلام خبرية وهي إبراز للالتزام بعهد الله تعالى ،فالله أخذ العهد بان نطيع رسوله واولياءه والزائر يظهر هذا العهد بالأخبار عنه وقد روى ثقة الإسلام الكليني عن داوود الرقي أنه سأل الإمام الصادق عليه السلام عن معنى التسليم على رسول الله صلى الله عليه وآله: فقال عليه السلام: (إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لاشية فيها ، قال : لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك، وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عز وجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه)(الكافي للشيخ الكليني ج1 ص451).
الامام الحسين عليه السلام وارث الانبياء.
في زيارة وارث الامام عليه السلام يعدد الأنبياء الذين ورثهم الامام الحسين عليه السلام ، والوراثة تعني الكثير لكن واحدة من المعاني هي وراثة الصفات ، فالحسين عليه السلام ولي الله ،ومعني ولي الله الذي له الولاية التكوينية والتشريعية بحسب الاطلاق القرآني (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) المائدة ٥٥ فهو الذي يلي أمر الله تعالى في الأرض وهو خليفة الله في أرضه ، وهو حبيبه لأنه اقرب الخلق إليه بعد رسول الله ص وبعد امير المؤمنين عليه السلام ، وهو الاشد طاعة لله لذلك يحبه الله ويحب الله ( يحبهم ويحبونه)
وعلى هذا يتقرر مايلي :
أولا: على الإنسان الشاهد بأن الإمام الحسين عليه السلام ولي ان يطيع ولي الله ،لان طاعة وليه طاعته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) النساء ٥٩ ، وان اي ابتعاد ومعصية هو خلل في هذه الشهادة القلبية.
ثانياً: على المؤمن أن يقتدي بولي الله وحبيبه للوصول إلى الولاية الإلهية والمحبة الإلهية وليس ذلك إلا عبر المعرفة من جهة وعبر الطاعة من جهة أخرى ،والذي يتجلى بصورة الإتباع للنبي صلى الله عليه وآله ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ال عمران ٣١ .
ثالثا: أن يكون الإنسان سلام وسلم لولي الله وحبيبه ( سلم من سالكم وحرب لمن حاربكم) وهذه ليست دعوى فقط إذ قد يدعي الإنسان ذلك ،لكنه عمليا بسبب قلة الوعي يكون سلم للاعداء ،وحرب للاولياء، فيعادي مثلا شيعة الحسين عليه السلام ، ويظهر اذيتهم في القول والعمل ،ومن أوضح مصاديق ذلك هو أذية زوار الإمام الحسين عليه السلام ،وشيوع النعرات القومية والطائفية ، ونسيان قوله تعالى ( إن اكرمكم عند الله اتقاكم) .
إن قلة الوعي والبصيرة قد يجعل الإنسان المدعي للتشيع في خانة الأعداء وميزان ذلك بسيط جدا
*عيب الزوار ميزان العداوة:
فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام في حديث طويل دعاء يدعو فيه لزوار الامام الحسين عليه السلام ومن جملة ما قال فيه :
اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا " عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد الله عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش.
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٨ - الصفحة ٨ .
فمجرد العيب يجعلك في خانة الأعداء ،فكيف لو صورت ذلك ونشرته ابتغاء أذية زوار الإمام عليه السلام ؟ فإنها جريمة دينية كبيرة نسال الله العصمة منها .