دعاة صامتين في الاربعين
بقلم : محاسن غني النداف
جمعتني مقاعد الدراسة بفئات مختلفة من ابناء وطني، وهو امر طبيعي جدا فهذه تركيبة مجتمع!
مسيح وارمن واخواننا السنة حفظهم الله جميعا، وقد حرصت اشد الحرص على عدم الخوض في القضايا الدينية والاعتقادية، واقتصرت في علاقتي معهم على الجانب العلمي والاجتماعي.
رغم اني كنت قد قرأت كتاب الرحلة المدرسية والنص والاجتهاد، ويكاد ذهني ينفجر من كثرة ما امتلكه من ادلة على صحة معتقدي
الا ان مدرسة اهل البيت والتي تلقيت ابجديتها على لسان المرحوم الشيخ احمد الوائلي طيب الله ثراه كانت قد علمتني ان احترم معتقدات الاخرين، وكنت اعتقد فعلا ان عبارة "لا نبدأهم بقتال"، واول من قالها رسول الله صل الله عليه ثم جرت على لسان امير المؤمنين والامام الحسين عليهما السلام، تنطبق حتى على القضايا الثقافية والاجتماعية، فالعدوان امر مكروه في الشريعة الاسلامية.
لذلك تمثلت قول الامام الصادق عليه السلام "كونوا لنا دعاة صامتين" واجتهدت في ان اعاشرهم بالمعروف، وهم كانوا بالمقابل في غاية اللطف والاخلاق مع شيء من التحفظ بسبب الاختلافات آنفة الذكر.
وبعد فترة وجيزة ونظرا لطبيعة الشعب العراقي الودودة والمتآلفة اصبحنا من اعز الاصدقاء
وفي احدى الاستراحات بدأوا يتحدثون عن اسباب الخلافات الطائفية، وكنت اسأل الله سبحانه ان يكون كلامي بما يحب ويرضى، فالغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين وهذا امر حتمي، فكنت اشارك في الحديث فقط حين يوجه إلي سؤال.
وبحمد الله وبفضل ما قرأته من كتب قلت ما اثر في نفوسهم
مما دعاهم الى الرغبة في الاستقصاء ومواصلة الحديث.
اقتصر كلامي على بيان فضائل اهل البيت وافضليتهم بين الناس بورعهم وعلمهم وحكمة الحق سبحانه في الاستخلاف
لم اسب احد من الصحابة او انتقص منه
بل تركت المتلقي يستنتج الفرق بنفسه.
فلكل فعل ردة فعل تساويه بالمقدار ويعاكسه في الاتجاه
وهو وان كان قانونا فيزيائي الا انه قابل للأنطباق اجتماعيا.
لا ازعم اني غيرت مللهم لكنهم وبأعترافهم غيروا نظرتهم تجاه اهل البيت والمذهب الشيعي.
فلا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي
في الخدمة الاربعينية تتجلى روح اهل البيت المعطاة في نفوس الخدم فينجذب لها الناس طواعية، فالانسان مجبول على حب من احسن إليه.
يقول الامام الصادق عليه السلام حدثوا الناس عنا فلو انهم عرفونا لاتبعونا!