محن الإمام العسكري (عليه السلام)
بقلم الشيخ علي الخفاجي
عانى الإمام (عليه السلام) من محن كثيرة وفضيعة أثناء حياته المباركة وفي هذا المقال سوف نذكر ثلاثة من المحن التي كانت شديدة على الامام (عليه السلام)
المحنة الأولى : التشكيك بإمامته
حيث ذهب بعض من الشيعة إلی إمامة أخيه جعفر (المعروف بجعفر الكذاب) مع وجود الوصايا والنصوص التي صدرت من الإمام الهادي (عليه السلام) والتي تنصّ على أن ولده الحسن هو الإمام من بعده، فقد ذكر الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد حوالي 10 من الروايات والمكاتبات في هذا المجال، وقال: (وكان الإمام بعد أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) ابنه الحسن بن علي لاجتماع خلال الفضل، وتقدّمه على كافّة أهل عصره، فيما يوجب له الإمامة، ويقتضي له الرياسة من العلم والزهد وكمال العقل، والعصمة والشجاعة والكرم، وكثرة الأعمال المقرّبة إلى الله جلّ اسمه، ثم لنص أبيه عليه وإشارته بالخلافة إليه)منها ما رواه علي بن عمرو النوفلي، الذي قال:
(كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) في صحن داره، فمرّ بنا محمد ابنه، فقلت له: جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك؟ فقال: لا صاحبكم من بعدى الحسن).
المحنة الثاني: الإقامة الجبرية
تم فرض الإقامة الجبرية عليه وعلى أبيه (عليه السلام) من قبل السلطة العباسية في سامراء التي كانت يومها معسكراً الجند بعد استدعائه من المدينة حيث بقي في هذه المدينة مايقرب إلى عشرين سنة وتسعة أشهر واستوطنها مع أبيه (عليه السلام) في منطقة تُسمى بالعسكر، ولذلك لقّب بالعسكري، وكان الهدف من ذلك تشديد المراقبة على الإمام (عليه السلام) وعدم السماح له بالاتصال بأتباعه والمقربين منه.
وطوال هذه الفترة عانى الإمام محنة الإقامة الجبرية والتضييق أدت به لإختيار نواباً للاتصال بشيعته، وكان عثمان بن سعيد أحد نوابه الذي تولى النيابة في حياته وبعد وفاته، وبقي فيها حتى عصر الغيبة الصغرى، فأصبح كأول وكيل ونائب خاص للإمام المهدي (عليه السلام).
لذلك لم تكن حياته كسائر الناس بسبب الرقابة المفروضة عليه حيث كان مطالباً من قبل السلطة بالمثول لديها في دار الخلافة بسر من رأى في كل إثنين وخميس من قبل السلطة التي رصدت كافة حركاته وسكناته.
المحنة الثالثة: سجنه (عليه السلام)
تعرض الامام (عليه السلام) عدة مرات للسجن منها عند علي بن أوتامش، وكان يعتبر أشرس الناس على أهل البيت(ع)..
ومنها عندما أُدخل(ع) السّجن في عهد الخليفة المعتزّ.. الذي وجه أوامره لصالح بن وصيف، المشرف على السِّجن أن ضيِّق عليه ولا توسّع.. فقال لهم صالح: ما أصنع به، وقد وكلت به رجلين من شرِّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصَّلاة والصّيام والحبّ للإمام، إلى أمر عظيم!!
ثم أمر بإحضار الرّجلين، فقال لهما: ويحكما، ما شأنكما في أمر هذا الرّجل (ويقصد الإمام العسكري)، فقالا له: ما نقول في رجلٍ يصوم نهاره، ويقوم ليله كلّه، لا يتكلّم، ولا يتشاغل بغير (ذكر الله).. ورغم كلّ إساءاتنا إليه، وتضييقنا عليه، لم نسمع منه إلا كلّ مودّة ومحبّة ودعاء لنا، لذا، صرنا إلى ما نحن عليه.. وإذا نظر إلينا، ارتعدت فرائصنا، وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.