في الذكرى السنوية لارتحال السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) المرجع اليعقوبي يجدد دعوته للكتّاب والمثقفين والفضلاء للاهتمام بتوثيق سِير الشهداء لمعرفة اسرار استحقاقهم لها

بواسطة |   |   عدد القراءات : 708
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
في الذكرى السنوية لارتحال السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) المرجع اليعقوبي يجدد دعوته للكتّاب والمثقفين والفضلاء للاهتمام بتوثيق سِير الشهداء لمعرفة اسرار استحقاقهم لها

بسمه تعالى

جدد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) دعوته للكتّاب والمثقفين والفضلاء بالاهتمام بتدوين سير الشهداء ونشرها، لتتعرف الأمة على السرّ الذي استحقوا بسببه أن يتخذهم الله شهداءَ عنده، مشيراً الى الشهادة نفسها كرامة يمنحها الله تعالى لمن يشاء، وينبغي علينا أن نعرف طريق الوصول إليها واستحقاقها بفضل الله تعالى.

وأكد سماحتُهُ خلال درس التفسير الاسبوعي الذي يلقيه على جمع من طلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الاشرف في ضوء الآية الكريمة (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) (آل عمران:١٤)- والذي تزامن مع الذكرى السنوية لارتحال المرجع الشهيد السيد محمد الصدر (قدس   الله سره) ـ ان للشهادة قيمة كبيرة في الاسلام لا يضاهيها شيء من الطاعات بحسب الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة كما في قوله تعالى {فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا}    (النساء:٦٩) فالشهداء مع مرتبة النبيين والصديقين.

ولفت سماحتُهُ الى ان درجات الشهداء تتفاوت بحسب نوع العمل وظروفه ودرجة الصدق والثبات فيه، كالمروي في تفاوت درجة القادة الشهداء في معركة مؤتة فإن عبد الله بن رواحة ليس في درجة جعفر الطيار وزيد بن حارثة (رضوان الله عليهم اجمعين).

وفي معرض بيانه لمعنى (الشهادة والشهيد) ذكر سماحتُهُ عدة وجوه تفسيرية، منها: 

إن القتيل في سبيل الله يسمى شهيداً لأنه بتقديم نفسه قرباناً يدلي بأعظم شهادة على الحق الذي مضى عليه وقد شهدوا بها قتلى أحُد على الفارين من الزحف وعلى جميع الناس بحقيقة مفادها أن عصيان أوامر القائد الرباني تؤدي الى الهزيمة والخذلان والانكسار، وتستمر شهادتهم الى يوم القيامة، قال تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (الزمر: 69)، مشيراً الى ان أعظم شهادة في هذا المجال هي شهادة الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد شهد بدمه وتضحياته بأهل بيته وأصحابه على حقانية هذا الدين وسموه وعلو قدره. 

وأشار سماحتُهُ الى إن الشهادة لا تتحقق إلا بإخلاص العمل لله سبحانه وأن يُقدِم حينما يريد منه الله تعالى الإقدام، ويتأخر عندما يريد الله تعالى له ذلك من خلال طاعة القيادة الربانية الرشيدة التي افترض الله تعالى طاعتها، وليس تبعاً لهواه واندفاعه وحماسه أو تعصباً أو لجماعة أو حباً بشخص أو طمعاً في الدنيا أو غير ذلك.

وفي ختام درسه التفسيري أوضح سماحتُهُ ان قيمة الشهادة تبلغ ذروتها عندما تكون بسبب اتخاذ المواقف الحقّة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر في زمان دولة الجور والظلم والعدوان وانتهاك المقدسات فقد روي في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لما سئل: يا رسول الله! أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر) ([1]).

وفي هذا السياق أكد سماحتُهُ على علو مكانة الشهيدين الصدرين (قدس الله سريهما) بعلمهما وعملهما وجهادهما بالقول والفعل بقوله: (لقد كان السيدان الشهيدان الصدران (قدس الله سريهما) شهيدين بكل هذه المعاني فقد كانا بمرجعيتهما وعلمهما وعملهما وجهادهما ومواقفهما شهيدين على الأمة وحجتين عليها، وكانا شهيدين لأنهما قتلا في سبيل الله تعالى، وإعلاء كلمته، وكانا شهيدين لأنهما أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، قالا كلمة الحق أمام سلطان جائر متجبر مستخف بالحرمات).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[1] - ميزان الحكمة: ج ٣ - الصفحة ١٩٤٤.

Powered by Vivvo CMS v4.7