المعاد وادلته
المعاد
اختلفت كلمة الفلاسفة والمتكلمين في كيفية المعاد بعد إن اتفقوا على أصل ثبوت النشأة الأخرى الباقية وحصيلة الاتجاهات في ذلك ثلاثة
1.المعاد الجسماني فقط وهذا ما نسب إلى جمهور الإسلاميين وعامة الفقهاء وأصحاب الحديث وذلك لان النفس عندهم جسم لطيف سار في البدن سريان النار في الفحم وليس مركبا من روح وجسم بل حقيقته انه جسم ولذا حصروا المعاد في الجسماني فقط
2.المعاد الروحاني فقط وهذا ما نسب إلى جمهور الفلاسفة حيث حصروا المعاد بالروحاني دون الجسماني.
3.المعاد جسماني وروحاني معا وهو مذهب المحققين من أكابر الحكماء ومشايخ العرفاء .
وقال الشيخ الرئيس ابن سينا في الهيات الشفاء يجب أن يعلم أن المعاد منه ماهو منقول من الشرع ولا سبيل إلى إثباته إلا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الذي للبدن عند البعث ، ومنه ماهو مدرك بالعقل والقياس البرهاني وقد صدقته النبوة وهو السعادة والشقاوة الثابتتان بالقياس
فالشيخ الرئيس يرى أن المعاد بدني وروحي لكنه يقول إن البدني لا سبيل للعقل إليه بل يثبت من خلال النص والدين فقط اما الروحي فهو الذي يثبته العقل.
مكمن النزاع :إنما يرجع النزاع والاختلاف في المعاد في كونه جسمانيا أو روحانيا أو هما معا إلى الاختلاف في حقيقة الإنسان في هذه النشأة
فالذي يعتقد بأن هوية الإنسان وحقيقته هي جسمه لاشي آخر فلابد أن يحصر المعاد بالجسماني فقط .
وأما الذي حصر هوية الإنسان وحقيقته بروحه فإن المعاد سيكون عنده روحانيا ليس إلا
بينما الذي وجد الإنسان في الدنيا حقيقة واحدة ذات بعدين أحدهما روحاني وهو روحه التي بين جنبيه والآخر بدنه الذي يعتبر آلة تنجز روحه من خلاله الأفعال.
وقد عقد الفلاسفة والمتكلمين بحثا في حقيقة الإنسان وقد تولدت عشرات النظريات في ذلك
أدلة المعاد بصورة عامة
دليل العدل بما انه ثبت عدالة الله وهذا العالم ليس مكانا للعدل بل نجد موت المظلوم وبقاء الظالم وذهاب الحقوق فلابد أن يكون هناك عالما آخر يقام فيه العدل والا لزم الظلم على الله وهو قبيح ، وهناك طريق آخر سلكه ابن سينا ولكنه مختص بالمعاد الروحي عن طريق السعادة حيث ان كل شي له ملذات وآلام والنفس الإنسانية لها ملذات بأن تعلم بكل شي وينتقش فيها العالم صيرورة العالم العيني ذهنيا هذا في جانب المعرفة النظرية أما في العملية فهي السعادة والتخلص من الأخلاق الرذيلة وهذا لن يكون كله في الجانب النظري والعملي في هذه النشأة فلابد أن يكون في نشأة أخرى وهي القيامة
المعاد الروحاني :يقول السيد الحيدري في شرح منظومة السبزواري ص318
في بيان معنى المعاد الروحاني لاشك أن النفوس متفاوتة في كمالاتها بالنسبة إلى القوتين النظرية والعملية وبالتالي فلكل منها معاد يتناسب مع الكمال الذي وصلت إليه فأما المعاد الروحاني الذي هو ارتقاء إلى عالم العقول فإنه يكون للنفوس الكاملة في القوتين وكذلك الكاملة في القوة النظرية المتوسطة أو الناقصة في القوة العملية فان العلم الحضوري أو اليقين بحسب التعبير القرآني لاينفك عن أثره والعمل المترتب عليه إذن النفوس ترتقي إلى العالم العلوي نعم هناك من يمكث بحسب استعداده وهناك من يتصل بعالم الأنوار مباشرة بسبب ارتقائه في العمل والعمل ، وهذه النفوس تنعكس فيه كل الخصائص الوجودية تصبح عالما مضاهيا للعالم العيني وهذه النفوس التي كملت في العلم لها خاصة أخرى غير التي تقدمت من أنها ترتقي آلى عالم العقل وهذه الخاصة الثانية أن هذه النفوس تلتحق بالمثل النورية التي تغمرها بلذة غير متناهية وذلك لأن فيضه تعالى متصل لاينقطع ولا يقف عند حد
إذن المعاد الروحاني هو وصول الروح إلى كمالها الخاص إذ لابخل في ساحته فمادام للروح إستعدادا وبه تخرج من القوة إلى الفعل عبر التكامل وبما أن الله لابخل في ساحته فهي تصل إلى ذلك الاتصال وذلك الكمال
وهو برهان يعتمد على مقدمات في تكامل الروح وكمالها وعدل الله
المعاد البدني :لقد تشتت القائلون بالمعادين في أمر المعاد الجسماني في ان البدن الاخروي هل هو عنصري كما يظهر من بعض كلمات الغزالي وغيره أو مثالي وعلى القولين هل هو عين البدن الدنيوي أو مثله والمثلية هل هي باعتبار كل واحد من الأعضاء والأشكال والتخاطيط أم لا ، فهل البدن المعاد عين المبتدأ أو مثل المبتدأ والذي عينه هل بالجملة أم في الجملة والذي مثله هل بالجملة أم في الجملة فهنا أقوال
والذي يعنينا هو الأدلة ولكن لننقل كلام صدر المتألهين الذي أثبت المعاد البدني بالدليل العقلي ثم ننقل ادلته حيث ذهب إلى أن إنسانية الإنسان بصورته لامادته والإنسان يعود بصورته بغض النظر عن المادة فهناك بدن معاد لكن ليس شرطا بنفس مادته
براهين أثبات المعاد البدني
البرهان الأول :أن حقيقة الإنسان بصورته لا مادته إذ لايكون السرير سريرا إلا بهيئته السريرية وانسانية الإنسان ليست متقومة بالاعضاء كيف ذا وهي متغيرة مبتدلة من دون تغير وتبدل الإنسانية فلو وصل الطب يوما إلى أن يغير كل أعضاء الإنسان فنقل أعضاء عمرلزيد لبقي زيد على زيديته مع تغير كل أو أكثر اعضائه وبما أن الأمر كذلك فإن بدنية البدن ليست بمادته بل بصورته التي لا ينالها الفناء وهي هي.
البرهان الثاني :تشخص الشي بوجوده فمادام وجود الشي محفوظا فإن حقيقته تكون محفوظة أيضا سواء كان ماديا أو مثاليا أو عقليا فإنه هو ولكل وجود إمارات تشخص تخصه فامارات التشخص المادي غير إمارات التشخص المثالي وهما غير إمارات التشخص العقلي والأصل واحد لأنه وجود متصل واحد ولو كانت حقيقة الشي وتشخصه بالعوارض لتغيرت بتغيرها
البرهان الثالث :البدن الاخروي عين البدن الدنيوي لأن حقيقة الشي بصورته وهذه الصورة متحركة بالحركة الجوهرية حركة اشتدادية واحدة متصلة
وهذا هو برهان صدر المتألهين على المعاد البدني عبر هذه المقدمات التي تعتمد على الحركة الجوهرية.