• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

الإمامة وادلتها

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2123
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

الإمامة

لم يتناول الفلاسفة مسألة الأمامة كثيرا بإعتبارها مسألة كلامية ، نعم يمكن النظر إليها من جهة حديثهم عن الحكم والمدينة الفاضلة فقد اختار افلاطون أن يكون الحاكم هو الفيلسوف الذي اكتملت عنده الحكمة النظرية والعملية وهذا أيضا ما اختاره شيخ الإشراق حيث قال لو حكم مثل هذا الإنسان الكامل كان الزمان نورانيا ، ثم لما جاء ابن سينا تطرق اليها في كتابه الآلهيات واختار دليلا عليها

دليل الشيخ الرئيس على الإمامة

حيث عقد فصلا تحت عنوان في الخليفة والإمام ووجوب طاعتهما فقال رحمه الله :ثم يجب أن يفرض السان ويقصد به النبي حيث استدل على وجوب النبوة من خلال ضرورة وجود قانون عاصم فنفس دليل وجود النبوة وهو اللطف والحكمة الإلهية تستدعي وجود الإمام وهذا لا يختلف به عن المتكلمين كثيرا

ثم قال يجب أن يفرض السان طاعة من يخلفه وان لايكون الاستخلاف إلا من جهته ، أي من جهة النبي وهذا دليل انه يراه وصية واستخلاف إلهي وليس شورى ، أو بإجماع من أهل السابقة على من يصححون علانية عند الجمهور انه مستقل بالسياسة وأنه أصيل العقل حاصل عنده الأخلاق الشريفة من الشجاعة والعفة وحسن التدبير وأنه عارف بالشريعة حتى أنه لا أعرف منه

وقد يكون هذا يعني نظرية الشورى والبيعة ولكن النص الذي يأتي يبين بلا خلاف انه يختار النص بعد الضرورة العقلية فقال رحمه الله في ص 503 في الهيات الشفاء والاستخلاف بالنص اصوب فإن ذلك أي عدم النص والترك للبيعة يؤدي إلى التشعب والتشاغب والاختلاف .

وجوب الإمامة بنظر صدر المتألهين الشيرازي قال في شرحه أصول الكافي كتاب الحجة ص 159 أن الله تعالى لما خلق الموجودات المترتبة بحسب الشرف والخسة على سنة الإبداع حتى بلغت نهايتها ووصلت مركزها من السفالة وهي المواد العنصرية سيما الأرضية التي هي منبع الخسة والكثافة والبعد عن اللطافة أراد أن يرتقي بها إلى غايتها في الشرف والعلو مع ما يزيد عليها مما يحصل لها من جهات الامتزاج والتركيب ولاتناهي اعداد الأفراد لانحفاظ الأنواع وبقائها إلى ماشاء وكان ما أراد فجعل في هذه الموجودات العائدة كل ماهو أشرف وأعلى سببا كماليا وعلة غائية لما هو اخس وادنى

فخلق الأرض من أجل النبات  والنبات للحيوان والحيوان للإنسان وآخر درجة الإنسان الذي هو غاية هذه الاكوان وهو الإمام الإنسان الكامل سلطان العالم الأرضي وخليفة الله فالأرض وما عليها إنما خلقت لأجله اذا ينطلق من قاعدة إمكان الاشرف وان الاخس يدل على وجود الاشرف باثبات ضرورة الإمامة وهنا يمتزج العرفان مع الفلسفة في نظرية الإنسان الكامل عبر مدرسة الحكمة المتعالية

وملا صدرا يرفض نظرية ابن سينا في مسالة الاحتياج للإمام بسبب القانون والسنة بل يراه ضرورة وجودية تتوقف عليها مسألة الاكوان فلولاه لما وجد الكون لذا يقول (أن الغاية والغرض من وجود الإمام ليس مجرد حصول الائتمام حتى لو فرض أن لم يرجع أحد من الناس إلى الأمام لفات الغرض من وجوده نعم هو لا يرفض هذه الحجة بالمطلق بل يعتمد عليها لكن ليس كليا خصوصا مع وجودها في الروايات لذا يقول

نظام الدين والدنيا لا يصلح إلا بوجود أمام يقتدي  به الناس وياتمون به ويتعلمون منه سبيل هداهم وتقواهم وان حاجتهم إليه في كل زمان أعظم وأهم من حاجتهم إلى الغذاء والكسوة فوجب من العناية الإلهية الربانية أن لايترك الأرض ولا يدع الخلق من غير امام والا لزم أحد الأمور الثلاثة:إما الجهل وعدم العلم أو النقص وعدم القدرة على خلقه أو البخل والضنة بوجوده وجميع هذه الوجوه محالة

ويقصد أن الله عالم بضرورة وجود امام للخلق حتى يتكاملوا فأين الخلل اذا لم ينصب أمام هل العلم وهو العالم المطلق أو عدم قدرته على خلقه وهو القادر على كل شي ممكن أو البخل في ساحته وهو دائم الفيض والعطاء فمادام عالم وقادر وليس بخيل هذا يعني أنه قد نصب الإمام. ..

نصب الإمام عند شيخ الإشراق السهروردي تناولنا في ماسبق نظرية الإمامة ووجوبها في مدرسة المشاء وومثلها ابن سينا وفي الحكمة المتعالية ورئيسها ملا صدرا حيث اعتمدت الأولى على ضرورة وجود القانون والثانية على ضرورة وجود الإمام الوجودية للكون ، نأتي الآن إلى نظرية شيخ الإشراق السهروردي الذي قال بضرورة وجود الإنسان الكامل الذي تاله وبحث واذا طوي له الأمر كان الزمان نورانيا وقد قسم الحكماء إلى أقسام

 أخرى، فالحكماء مراتب عنده:

 

1- حكيم إلهي متوغل في التأله عديم البحث، وهو كأكثر الأنبياء والأولياء من الصوفية أمثال أبي يزيد البسطامي والتستري والحلاج..

 

2- حكيم بحاث عديم التأله وهو كالمشائين من أتباع أرسطو في المتقدمين، وكالفارابي وابن سينا المتأخرين.

 

3- حكيم إلهي متوغل في التأله والبحث، وهذا هو الحكيم الإشراقي الذي يجمع بين الحكمتين

 

البحثية والذوقية (على نحو السهروردي).

 

4- حكيم إلهي متوغل في التأله متوسط البحث.

 

5- حكيم إلهي متوغل في التأله ضعيف البحث.

 

6- حكيم متوغل في البحث متوسط التأله.

 

7- حكيم متوغل في البحث ضعيف في التأله.

 

والحكيم الإشراقي عند السهروردي هو الذي يقود الإنسانية إلى الكمال اي النور لأن مدرسة الشيخ هي مدرسة النور فالذي يأخذ الإنسان إلى النور والكمال هو الحكيم الإشراقي الذي إكتمل لديه البحث والتاله ولم تكتمل إلا عند الأنبياء وخلفائهم من الحكماء .

فوجود هذا الإنسان في كل زمن ضرورة ربانية ولولاه لعم الظلام وهذا قبيح في الحكمة الإلهية.

وعلى هذا يتبين أن وجوب نصب الإمام أو الإنسان الكامل يكون في الحكمة المشائية عبر القانون وحفظ المجتمع وفي الحكمة المتعالية عبر الضرورة الوجودية وفي الحكمة الاشراقية عبر الإشراق وكونه منور العالم

Powered by Vivvo CMS v4.7