• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

منهج محمد شحرور قراءة نقدية في ضوء النظرة الفلسفية الاسلامية ... الحلقة الثانية

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2916
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
منهج محمد شحرور قراءة نقدية في ضوء النظرة الفلسفية الاسلامية ... الحلقة الثانية

بقلم الاستاذ علي هذيلي 

الحلقة ٢

في كتابه (الكتاب والقرآن- ص42) يقول محمد شحرور: من حق القارئ أن يسأل: ما هو المنهج المتبع في هذا الكتاب؟ وكيف تم التوصل إلى هذه النتائج التي لا توجد في كتب السلف؟ إن المنهج المتبع هو ما يلي:

1- العلاقة بين الوعي والوجود المادي هي المسألة الأساسية في الفلسفة

2- إننا ندعو إلى فلسفة إسلامية معاصرة تعتمد المعرفة العقلية التي تنطلق من الحواس وعلى رأسها (السمع والبصر)، وندعو إلى رفض المعرفة الإشراقية...

3- الكون مادي، وكل ما فيه مادي، والعقل الإنساني قادر على إدراكه ومعرفته، ولا توجد حدود يتوقف العقل عندها.

4- عالم الشهادة هو العالم المادي الذي تعرف عليه الإنسان بحواسه، ثم توسع ليشمل ما أدركه بعقله.. وعليه فإن عالم الشهادة وعالم الغيب ماديان.

5- إننا نتبنى النظرية العلمية القائلة: إن ظهور الكون المادي كان نتيجة انفجار هائل أدى إلى تغير طبيعة المادة.. ويعني ذلك أن الكون لم ينشأ من عدم.

6- تنحصر مهمة تأويل القرآن بالراسخين في العلم ...

...............................

 

هذا ملخص منهج شحرور، كما اورده في كتابه آنف الذكر، والأفضل أن يعود القارئ الكريم إلى الكتاب، للتأكد من تلك النقاط التي سنرد عليها باختصار يتناسب والمقام:

 لاحظ عزيزي القارئ:

أن العامل المشترك بين هذه النقاط هو (المادية)، التي تكاد تتكرر فيها كلها، ومن ثم فنحن إزاء مفكر مادي، ينطلق من رؤية تذهب إلى أن الحواس هي المصدر الوحيد للمعرفة، وهكذا رؤية لا بد ان تكون فقيرة وضيقة الأفق، تبعا لضحالة مصدرها المعرفي، أما الفلسفة الإسلامية، فتؤمن بثلاثة مصادر: الحس، والعقل، والوحي. .

لماذا الوحي من مصادر المعرفة؟ 

لأن الفيلسوف الاسلامي يؤمن أن ليس باستطاعة العقل ادراك كل شيء، وثمة منطقة غائبة عن ادراكه، لذا فهو بحاجة إلى الوحي ليكشفها له. 

أما أن المسألة الأساسية في الفلسفة هي العلاقة بين الوعي والوجود المادي، فيبدو ان شحرور توقف عند الفلسفة الماركسية، والمنطقية الوضعية، دون النظر إلى الفلسفة قديما أو حديثا، ذلك ان الفلسفة القديمة سيطرت عليها ثنائية الماهية والوجود/ افلاطون. 

أو الوجود والماهية/ ارسطو. 

فضلا عن انها كانت تُحلِّق في السماء، وسقراط هو الذي انزلها إلى الأرض. 

اما الفلسفة المعاصرة، فقد تجاوزت ذلك إلى القضايا الصغيرة، اي انها انتقلت بالفلسفة من سردياتها الكبرى الى سرديات صغرى تتعلق باليومي والمُعاش والهامشي، ولعل قراءة "مارتن هيدجر" ستنتقل بقارئ الفلسفة إلى عوالم لم يألفها من قبل، ومع ذلك سنقبل، جدلا، اطروحة شحرور، ولكننا سنعيد صياغتها كالآتي

: إن العلاقة بين الوعي والوجود- بغض النظر عمّا إذا كان ماديا أو معنويا- هي احدى مسائل الفلسفة- وثمة مسائل اخرى تتعلق بالجمال والأخلاق والقيم- بل إن الوجود المعنوي، أو اللامحسوس هو المشكلة الأساسية في الفلسفة (وهنا نحن بحاجة إلى قراءة حوار سقراط مع طغرون للتعرف على هذه المشكلة) ذلك ان العلم هو الذي تكفل بالوجود المادي، اما الفلسفة، فمساحتها اوسع من ذلك بكثير، لهذا فهي تنفتح على عالم الشهادة، وعالم الغيب، وهي تدرك ان السبيل إلى الأول، لا يشبه السبيل إلى الثاني، لأنهما من عالمين مختلفين. 

أما قضية ان الكون لم ينشأ من عدم، فيرد عليها امير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (أنشا الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها) بمعنى أن الله اوجد الكون من لا شيء، وإلا فما فرقه عمن يصنع شيئا من أشياء. 

بقيت قضية التأويل، وهذه ستؤجلها إلى المنشور القادم، إن شاء الله....

Powered by Vivvo CMS v4.7