شريط الأخبار
دفع التهافت     سؤالك القرآني : كيف يمكن أن يكون القرآن قد نزل {هُدًى لِلنَّاس‏} وفي الوقت نفسه لا يهدي الكفار {وَلا يَزيدُ الظَّالِمينَ إِلَّا خَسارًا}؟ فهل هذا يعني أنّ هدايته منحصرة بفئة من الناس وهم المؤمنون والمتقون؟     سؤالك القراني: هل يعتبر الكسب الحرام كأموال بيع الخمر من رزق الله تعالى او من رزق الشيطان؟ اذا رزق الشيطان فهل للشيطان ولاية على الرزق الحرام بحيث يقوم برزق العاصين؟!     لماذا لم تقل الاية اموالهم وقالت اموالكم ؟ وهل المقصود هو اموال السفهاء فعلا ، او لا ؟     سؤال من الاسئلة الواردة إلى قـناة المركز (سؤالك القراني): السؤال : ما المقصود بالحواريين؟     سؤال قراني: نحن نعلم بأن الله لا يوصف بالذكر ولا بالانثى ولكن لماذا ذكر لفظ الله بصيغة المذكر؟     من اجوبة الاسئلة القرانية على قـناة سؤالك القراني على التلكرام     اسئلة وأجوبة من قناة (سؤالك القرآني) التابعة للمركز .. سؤال/ من هم الراسخون في العلم؟     اسئلة واجوبة قرآنية     نفي شبهة تحريف القران الكريم    

دفع التهافت

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1085
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
دفع التهافت

بقلم: سماحة الشيخ حسن عطوان 


سألني أحد الأخوة أنّه جاء في سورة الكهف على لسان أحد الرَجُليَن المتحاورين :


( وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلی‌ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً ) [ الكهف : 36 ]

والإشكال هو : أنَّ صدر هذه الآية ينافي ذيلها ، 

إذ أنَّ مفاد الصدر أنَّ هذا الرجل لا يؤمن بوجود يوم القيامة ، بينما ظاهر الذيل أنّه يؤمن بذلك .


 والجواب : 


هذه الآية الكريمة وردت في سياق ذكر القرآن المجيد لقصة رجلين تحاورا في زمن ما ، فضرب بهما القرآن مثلاً :


( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ  * ... فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً * وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلی‌ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً * قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ...  * وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّـهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّـهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَ وَلَداً *  ... وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلی‌ ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلی‌ عُرُوشِها وَ يَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً ) [ الكهف : 32 - 42 ] .


التفسير : 


 المراد بالجَنّة هنا : بستان .


النفر : أشخاص يلازمون الإنسان ، سمّوا نفراً لأنهم ينفرون معه ، و لذلك فسره بعضهم بالخدم و الأولاد .

وفسره آخرون بالرهط و العشيرة .

 والأول أرجح ؛ بقرينة المقابلة بما سيذكره الله تعالی من قول صاحبه له : 

( إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً ) .

 وهذا الرجل المغرور المعجب بنفسه ، نظر إلی نفسه وهو مطلق التصرف فيما خوله الله من مال وولد لا يزاحَم فيما يريده في ذلك فاعتقد أنّه مالكه . 

ونسي أنَّ الله سبحانه هو الذي مَلَكّه وهو المالك الحقيقي . 

فما سخّره الله له وسلّطه عليه من زينة الحياة الدنيا ما هو إلّا فتنة وبلاء يُمتحَن بها الإنسان ليميز الله الخبيث من الطيب . 

فهذا المغرور ظن أنّه منقطع عن ربه مستقل بنفسه فيما يملكه ، وأنَّ التأثير كله للأسباب الظاهرية التي سُخّرتْ له .

‏فنسي الله سبحانه وركن إلی الأسباب .

فظن أنَّ ذلك انما حصل عليه بقدرته وذكاءه فاستكبر علی صاحبه .

كما في قصة قارون فإنّه لمّا نُصح ألّا يفرح بمّا آتاه الله من المال ، قال :

 ( إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلی‌ عِلْمٍ عنْدي ) [ القصص : 78 ] .

 و هذا الذي يكشف عنه قوله : 

( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا ) ، فهو يعتقد أنَّ ما حصل عليه بإستحقاقه الذاتي وبذكاءه ، بل أنَّ أمانيه ببقاء جنته وبالتالي خلوده في الدنيا أوصله الى إنكار المعاد .

 ( ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً ) .


 أما قوله تعالی : 

( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) ،

والمراد بالجنة جنسها و لذا لم تثن . 

وقيل : لأنَّ الدخول لا يتحقق في الجنتين معاً في وقت واحد ، و إنّما يكون في الواحدة بعد الواحدة .

‏وقال الزمخشري في الكشاف مامضمونه :

فإن قلت : لِمَ أفرد الجنة بعد التثنية ؟ 

قلت : للإشارة الى أنَّه ليس له غير جنته في الدنيا التي أغتّر بها ، ولا نصيب له في الجنة التي وعد الله بها المؤمنين ، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير ، ولم يقصد الجنتين و لا واحدة منهما .

( وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلی‌ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً ) 

 وهنا قد يُشكْل :

بأنَّ مفاد صدر هذه الآية الكريمة أنَّ هذا الرجل يستبعد قيام الساعة ، ولكن ذيلها يشير الى حُسْن ظنه بالله سبحانه بأنّه لو رُدّ الى ربه فسيجد ما هو افضل من جنته في الدنيا .

والسؤال : كيف يُحل هذا التنافي بين الصدر والذيل ؟؟

 وجوابه : 

أنَّ هذا المغرور لا يؤمن بقيام الساعة ، لكنّه من باب فرض المحال يقول أنّه لو فُرض أنّها قد قامت ورُدّ إلی ربه فأنّه يعتقد أنّه لإستحقاقه الذاتي ووجاهته - وليس برحمة الله وبحسن الظن به سبحانه  - فإنّه سيجد عند ربه ما هو أفضل من جنته في الدنيا .

‏وهذا على وزان قوله تعالی : 

( وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلی‌ رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنی ) [ حم السجدة : ٥٠ ] 


بقلم: سماحة الشيخ حسن عطوان

Powered by Vivvo CMS v4.7