مقدمة قبل شرح برهان الصديقين
ممكن تقسيم البراهين التي تثبت وجود الله بلحاظ معين إلى قسمين: أحد هذين القسمين يجعل المخلوقات واسطة في الاستدلال، و يصل إلى الله سبحانه من خلالا الاستعانة بها. و القسم الآخر من البراهين لا يجعل من المخلوقات واسطة لإثبات وجود الله، و إنما يصل إلى إلى الله عن طريق حقيقة الوجود و مفهوم الوجود.
و براهين القسم الأول هي براهين إنية (و هي التي تسلك الطريق من المعلول إلى العلة)، و براهين القسم الثاني لميّة (و هي التي تصل إلى العلة بواسطة العلة ذاتها) و قد يطلق عليها إسم (شبه الإني)[1].
و البرهان الذي ندرسه الآن ـ أي برهان الصديقين ـ من النوع الثاني. و برهان الصديقين على إثبات الحق يستدل بذات الحق على ذات الحق، و لا يستدل بشيءٍ آخر على ذات الحق، و بالتوجه إلى مفهوم لفظ (الصديق) فمن المحتمل أن تكون تسمية هذا البرهان ببرهان الصديقين راجعاً إلى أحد الأمور التالية:
1ـ إن (الصديقين) يستفيدون من هذه الطريقة عندما يريدون الاستدلال على وجود الله.
2ـ إن هذا البرهان يعد أكثر البراهين استحكاماً إضافةً إلى كونه أشرفها مرتبة[2].
3ـ إن هذه الطريقة للتوصل إلى الحق هي طريقة الأنبياء الصديقين و كذلك طريقة الصديقين من الناس من بعد الأنبياء.
و قد قدم الفلاسفة الإسلاميون منذ الزمن الماضي و إلى الآن تقريرات متفاوتة و مختلفة لهذا البرهان، نشير إلى بعضها مع مراعاة الاختصار.
ــــــــــــــــــــــــ
[1] محمد رضائي، محمد، مقایسه بین برهان صدیقین فلاسفة اسلامي و وجود شناختي فلاسفه غرب بر اثبات وجود خدا، فصلية الکلام الاسلامي، خريف 1376،العدد 23.