السلوك المهدوي القويم في محرم سيد الشهداء

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1003
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
السلوك المهدوي القويم في محرم سيد الشهداء

 

بقلم الشيخ حميد وناس ال عجمي.

 

ورد في الأثر الشريف في الكافي الشريف ج٢ ص ٣١٦ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: ( ثَلَاثَةٌ يَشْكُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : مَسْجِدٌ خَرَابٌ لَا يُصَلِّي فِيهِ أَهْلُهُ، وَ عَالِمٌ بَيْنَ جُهَّالٍ، وَ مُصْحَفٌ مُعَلَّقٌ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْغُبَارُ لَا يُقْرَأُ فِيهِ). 

 ومن المقبول أن نفهم هذه الرواية الشريفة بمدى أوسع مما ذكر فيها من مصاديق أهل الشكاية عند الله تعالى يوم القيامة، فنقول أن ماذكر في الرواية الشريفة لا يراد منه الحصر، بل ماذكر يمثل نماذج شريفة من اهل الشكاية يوم القيامة، أو هم أهم المشتركين لله تعالى في ذلك اليوم..

فشكاية المسجد تستبطن شكلية كل مؤسسة عبادية أو علمية تثقيفية لم يسمح لها بالقيام بدورها المقرر لها، فعنوان المسجد المشتكي يشمل المسجد المعروف والحسينية والمواكب الحسيني والهيئة العزائية والمؤسسة العلمية والثقافية وغيرها من المؤسسات التي تشارك المسجد في دوره المناط به من توفير هداية ورشد للمجتمع المسلم.

وشكاية القرآن الكريم أيضا تستبطن شكاية نهج البلاغة والصحية السجادية والرسالة العلمية للفقيه المجتهد، وكتب الفقه والرواية والأخلاق والعقيدة والتفسير، التي لم تأخذ حقها في ميدان التطبيق العملي.

أما شكاية الإمام أو العالم فهي تشمل شكاية الإمام المعصوم الحجة في كل عصر والفقهاء العدول في زمن الغيبة وكل مفكر وباحث وكاتب إسلامي ومصلح ومجدد في ميادين الفكر.

وإذا حق لنا إعادة صياغة النص الروائي الشريف فإننا نقول: ثلاثة يشكون لله تعالى يوم القيامة القائد الإسلامي والكتاب الإسلامي والمؤسسة الإسلامية.

وأسباب تقدم هؤلاء للشكاية قد يكون ابتدائي بمعنى انهم هم من يتصدون لبيان مظلوميتهم وتضييع الناس لحقوقهم يوم القيامة، أو يكون تقدم دفاعي لأن الله تعالى اوقفهم للحساب وبيان أسباب عدم قيامهم بالدور المطلوب منهم، فكانت الشكاية تبريرا لهذا القصور وتبيانا للأسباب الحقيقة التي تقف وراه.

ومن الواضح أن لهذه الأسباب من التقصير البشري ازمانا خاصة وقعت فيها وليست هي مطلقة، فالمسجد عطل دوره في أوقات الصلاة وزمان حاجة المجتمع للفتوى الشرعية وبيان الموقف من حدث معين، والعالم أهمل دوره ولم يسأل ولم يؤخذ بتوجيهه في زمان كان عليه أن يبين وينطق بالموقف الشرعي، وكذا القرآن الكريم عطلت تلاوته في وقت التلاوة وأحكامه في وقتها..

ومحرم الحرام وخاصة العشرة الأولى منه، زمان مميز جدا تبرز فيه حقوق هؤلاء جليلة أكثر من أى وقت أخر، فالقائد الإسلامي المعصوم مولانا الإمام المهدي عليه السلام أو الفقيه النائب عنه في زمن الغيبة أو المفكر أو الخطيب يتوقع من الناس التوجه للتعرف على منهج الحق والإصلاح الذي دعا له سيد الشهداء عليه السلام، بمذكرة مصيبته والكلمات النورانية الإلهية التي صدرت منه تبيانا للدور المطلوب من الأمة تجاهه وتجاه قضيته.

اما المؤسسة الإسلامية: المسجد والمواكب والهيئة العزائية والمؤسسة الثقافية، فعليها احتضان الفعاليات العلمية التوعوية التوجيهية وبيان مواضع العظمة من مواقف سيد الشهداء عليه السلام واصحابه وأهل بيته في يوم عاشوراء وما بعدها.

أما الكتاب الإسلامي فهو ينادي بإلقراء والباحثين والخطباء بأن يتصدوا لبيان درر ال محمد الأطهار وخاصة ما يتعلق بمبادئ عاشوراء ومنهجها الإصلاحي التصحيحي، فلا مبالغة إذا أن الأعم الأغلب من أبناء المجتمع الإسلامي بل البشري عامة، يجهل ولا يعرف بتلك المبادئ والقيم العظمى التي نادى بها سيد الشهداء وبذل ما بذل من أجلها، مبادئ تتعدى حدود المكاسب السياسية والسلطوية، مبادئ جوهرها إشاعة العدل والقسط والقضاء على الظلم والجور والانحراف عن خط رسالة الله وال محمد الأطهار.

تبتدي بالفرد والأسرة والعشيرة والمؤسسة وتنتهي بالمجتمع البشري عامة والكون، إذن فثورة سيد الشهداء وأهدافها وأساليب نصرتها وأحياء ذكرها كلها تعني الالتفات للأهداف المهدوية وأساليب نصرة دولة العدل المطلق..

واخيرا نقول: أن المجتمع إذا نجح من الإفلات من الشكايات الثلاثة التي سبق ذكرها، وبمدياتها الواسعة التي تمت الإشارة إليها، تكون قد نجح فعلا بوضع قدمه على أول طريق إقامة دولة العدل المطلق، ومحرم نعمة إلهية تفتح الأبواب واسعة للسير خطوات واسعة على هذا الطريق.

Powered by Vivvo CMS v4.7