أسطورة جبل قاف

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2107
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

أسطورة جبل قاف
اعترضَ الفادي على القرآنِ لورودِ كلمةِ " قاف " فيه.
وهي المذكورةُ في أَولِ سورة " قَ "، في قوله تعالى: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ  .
واعتبرَ القرآنَ كتابَ أَساطيرٍ وخرافات، لوجودِ هذه الكلمةِ " قاف " فيه.

ونَقَلَ عن كتاب " عرائسِ المجالس " للثَّعْلَبِيّ أَنَّ اللهَ خلقَ جبلَ " قاف "،
من زبرجدةٍ خضراء، وجعلَه جَبَلاً عظيماً، مُحيطاً بالأَرضِ كُلِّها!!.
ونقلَ عن كتابِ " قصص الأَنبياء " - هو نفسهُ " عرائسُ المجالسِ " للثَّعْلَبِيّ -
أَنَّ عبدَ اللهِ بنَ سلام - رضي الله عنه - سأَلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أعلى جبلٍ في الأَرض؟
فأَخبره أَنه جبلُ " قاف "، وأَنَ ارتفاعَه مسيرةُ خمسمِئة سنة، وأَنَّ طولَه مسيرةُ أَلفي سنة، وأَنه مخلوقٌ من زمردٍ أَخضر.
وعَلَّقَ الفادي على هذا بأَنَّ أَوَّلَ مَنْ تكلمَ عن جبلِ قافِ المحيطِ
بالأَرضِ هو الكتابُ الدينى اليهودي " حَكيكاه "، عندما فَسَّرَ كلمةَ: " توهو بوهو " المذكورةَ في أَولِ جملةٍ في سِفْرِ التكوين، الذي هو أَولُ أَسفارِ العهدِ القديم.
ونقلَ عن " حَكيكاه " أَنَّ معنى كلمةِ " توهو " العبرية هو: الفضاءُ والفراغ.
وأَنَّ المرادَ بها الخطُّ الأَخضرُ المحيطُ بجميعِ العالَم..
ولما أَرادَ العربُ تَعريبَ كلمةِ " توهو " العبريةِ سَمّوها " قاف ".
وبَعدما ذَكَرَ هذه الخرافةَ الأُسطورية، نَسَبَها إِلى القرآن، وقال: " فالكلمةُ
العبريةُ المترجمةُ " الخَط " هي " تاء "، ولما سَمِعَها الصحابةُ لم يَعْرِفوا معناها أَنَّهُ
الخَطّ، وتوهموا أَنّها سلسلةُ جبالٍ عظيمةٍ اسْمُها " قاف "!!.
فكيفَ يَعتبرُ القرآنُ ما نُسَمّيه " الأُفُق " أوهو خَطّ وَهْمِيٌّ، جَبَلاً
حقيقياً؟.
إِنَّ كتابَ الثعلبيّ " عرائس المجالس في قصص الأنبياء " مرفوضٌ عند
العلماء، ولا يَصلحُ أَنْ يكونَ مرجعاً في كتبِ التفسير وقَصصِ الأَنبياء، ومعظمُ الحكاياتِ والأَخبارِ والرواياتِ التي فيه موضوعة ومردودة، وهي خُرافاتٌ وأَساطير، مأخوذةٌ عن الإِسرائيلياتِ المردودةِ الباطلة.
 جبل قاف المحيط بالأرض كلها
إنه جاء فى القرآن الكريم: (ق. والقرآن المجيد) ونقل من كتاب عرائس المجالس: أن معنى (ق) جبل يقال له جبل قاف. ونقل من كتاب قصص الأنبياء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أعلى قمة فى الأرض هى جبل قاف.
وقال المؤلف: إن الكلمة العبرانية " تاو " ومعناه " الخط " لما سمعها الصحابة لم يعرفوا أن معناها " الخط " بل توهموا أنها سلسلة جبال عظيمة اسمها قاف. فكيف يعتبر بعض القرآن ما نسميه الأفق - وهو خط وهمى - جبلاً حقيقياً؟
الرد على الشبهة:
إن كلام مؤلف عرائس المجالس ليس حُجة على صحة القرآن، وإن الأحاديث الموضوعة ليست حُجة على صحة القرآن. ولم يجمع المسلمون على معنى (ق) فإن لهم فى المعنى آراء كثيرة. منها أن (ق) حرف من حروف الهجاء مثل الألف والياء والتاء.. إلخ. فاعتراض المؤلف على القرآن ليس فى موضعه. اهـ (شبهات المشككين) .

وما أَخَذَه الفادي منه باطلٌ ومردود، لأَنه ضمنَ الخرافاتِ والأَساطير
التي مَلَأَتْ كتابَه! ولا يتحملُ القرآنُ ما في " عرائسِ المجالس " من أَخطاءٍ
وخرافاتٍ وأباطيل!.
وما أَوردَه الثعلي من حوارٍ بينَ عبدِ الله بن سلام - رضي الله عنه - وبينَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مردود، لأَنه روايةٌ موضوعةٌ باطلة.
وحكايةُ جبلِ " قاف " الأَخضرِ المحيطِ بالأَرضِ كلها، خُرافةٌ وأُسطورة،
باطلةٌ مردودة، لم يَقُلْ بها أَحَدٌ من العلماءِ المسلمين المحَقِّقين!!.
ونحنُ مع الإِمامِ الحافظِ المفسِّر ابنِ كثير - رحمه الله - في رَدّ هذه الخرافة.
قال: " وَقَدْ رُوِيَ عن بعضِ السلف أَنهم قالوا: قاف: جبلٌ محيطٌ بجميعِ
الأَرض، يُقالُ له: " جَبَلُ قاف ".
وكأَنَّ هذا - واللهُ أَعلم - من خُرافاتِ بني إِسرائيل، التي أَخَذَها عنهم بعضُ الناس، لِمَا رأوا من جوازِ الروايةِ عنهم مما لا يُصَدَّقُ ولا يُكَذَّب ...
وعندي أَنَّ هذا وأَمثالَه وأَشباهَه من اختلاقِ بعضِ زَنادقتِهم، يُلَبِّسونَ به على الناسِ أَمْرَ دينهِم، كما افْتُرِيَ في هذه الأُمةِ مع جلالةِ قدرِ علمائِها وحُفّاظِها وأَئمتِها أحاديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما بالعهدِ من
قِدم، فكيفَ بأُمَّةِ بني إِسرائيل، مع طولِ المدى، وقلةِ الحُفّاظِ النّقّادِ فيهم،
وشُرْبِهم الخمور، وتحريفِ علمائِهم الكلمَ عن مواضعِه، وتبديلِ كتبِ اللهِ
وآياتِه..
وإِنما أَباحَ الشارعُ الروايةَ عنهم في قوله: " وحَدّثوا عن بني إِسرائيلَ
ولا حَرَجَ " فيما قد يُجَوِّزُهُ العقل، فأما فيما تُحيلُه العقول، ويُحْكَمُ فيه
بالبطلان، ويَغلبُ على الظنونِ كذبُه، فليس من هذا القبيل..
واللهُ أَعلم.. ".
إِنَّ ابنَ كثير يرفضُ أُسطورةَ " جبلِ قاف " المحيطِ بالأَرض، ويَعتبرُها من
رواياتِ بني إِسرائيل، ويجعلُها خُرافةً تَتناقضُ مع العقل!.
وبما أَنها مرفوضةٌ مردودة، فإِنَّ القرآنَ لا يَحْملُ وِزْرَها، ولا يُسْتَشْهَدُ بها

على وجودِ الخَطأ في القُرآن، كما فَعلَ المفترِي المتحامل!!.
و" ق " الذي بَنى عليه الفادي أُسطورتَه وخُرافتَه ليس اسْماً لجَبَل، وإِنما
هو أَحَدُ حروفِ الهجاء، سَمَّى اللهُ به هذه السورة، وافتتحها به، ثم أَقسمَ بعد ذلك بالقرآن على صدْق نبوةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) .
ومن المعلومِ أَنَّ اللهَ افتتحَ بعضَ سورِ القرآنِ ببعضِ حُروفِ الهجاء، مثل
سور: ن، و: ق، و: ص، و: يَس، و: طه ...

 

Powered by Vivvo CMS v4.7