تسع آيات لا عشر ضربات
تسع آيات لا عشر ضربات
أَخْبَرَنا اللهُ أَنه أَرسلَ موسى - عليه السلام - بتسعِ آياتٍ بَيِّنات، قال تعالى: (فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) .
وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ) .
وأَرادَ الفادي أَنْ يُثيرَ إِشكالاً حولَ هذا الكلام، وحاكَمَ القرآنَ إِلى كتابِه
المقَدَّسِ، فَزَعَمَ أَنه وَجَدَ خَطَأً في عَدَدِ الآيات، التي آتاها اللهُ لموسى - عليه السلام -.
قال: " يَقولُ الكتابُ المقَدَّس: إِنَّ الضرباتِ التي ضَرَبَ اللهُ بها المصريّين عَشْرٌ لا تِسْعٌ، وإِنَّ بني إسرائيلَ بعدَ هَلاكِ فرعونَ وجيشِه في البَحْر لم يَسْكُنوا في أَرضِ مصر، بل في أَرَضِ كنعان، وإِنَ فرعونَ لم يكنْ يُريدُ أَنْ يُخْرِجَ اليهودَ من مصر، بل أَرادَ أَنْ يَستعبدَهم فيها.. " .
واعتراضُ الفادي على الرقمِ المذكورِ في القرآنِ مَرْدود، لأَنَ ذِكْرَ العددِ
فيه مَقْصود، فهي تسعُ آياتٍ بالضَّبْط، وليستْ عَشْراً كما زَعَمَ الأَحبارُ في
العهدِ القديم! وإذا تَعارضَ المذكورُ في الكتابِ المقَدسِ مع المذكورِ في
القرآن فإِنَّ الصوابَ هو ما ذُكِرَ في القرآن، كما قَرَّرْنا أَكثرَ من مَرَّة.
والآياتُ التسعُ هي: العصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقُمَّل،
والضفادع، والدم، والسنين، ونقص الثمرات.
وظَنَّ الفادي لغَبائِه أَنَّ المرادَ بالأَرضِ في قوله تعالى: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ) أَرضُ مصر.
ولذلك اعترضَ على الآيةِ قائلاً: " وإِنَ بني إِسرائيل بعد هَلاكِ فرعونَ وجيشِه في البحرِ لم يَسْكُنوا في أَرضِ مصر؟ بل في أَرضِ كَنْعان "..
وسبقَ أَنْ ناقشناهُ في هذه المسألةِ في المبحثِ السابق، وقُلْنا: إِنَّ المرادَ بالأَرض التي أَسكنَ اللهُ بني إِسرائيلَ فيها بعدَ خروجِهم من مصْرَ هي الأَرضُ المقدسةُ فلسطين، والتي يُسميها الأَحبارُ أَرضَ كنعان!.
ضربات مصر عشر لا تسع
إن فى التوراة أن الآيات البينات عشر. وفى القرآن تسع.
وهذا تناقض.
الرد على الشبهة:
إن مفسرى التوراة صرحوا بالاختلاف فى عدد هذه الآيات. فالآية الثانية وهى الضفادع؛ يوجد من يقول إنها التماسيح.
والآية الثالثة قال بعضهم إنها ضربة القمل، وقال بعضهم إنها ضربة البعوض.
والآية الرابعة قال بعضهم إنها ذباب الكلب خاصة، وقيل مطلق ذباب. اهـ (شبهات المشككين) .
والمرادُ بالأَرضِ في هذه الآية مختلفُ بقاعِ العالَمِ القديم، مثلُ: فارسَ
والروم والحبشة واليونان وغيرها، التي شَتَّتَ الله اليهودَ فيها، وعاشوا " عَصرَ الشَّتاتِ " الذي استمرَّ قُروناً عديدة.
وسَيَبْقَوْن مُشَتَّتينَ في مختلفِ بقاعِ الأَرض، في مختلفِ البلدان، إِلى أَنْ يَحينَ موعدُ إِفسادِهم الثاني، حيثُ سيجمعُهم اللهُ من تلك البلدان، ويأْتي بهم إِلى الأرضِ المُقدَّسة! وهذا ما تصرحُ به الآية: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) .
وهذا ما تحققَ في هذا الزمان، الذي يَعيشُ فيه اليهودُ إفسادَهم الثاني
الكبير، حيثُ أَتى الله بهم لَفيفاً، من مختلفِ القارّاتِ الخَمْس، وأَقاموا دولَتَهم على الأَرضِ المقَدَّسَة!.