بين هاجر ومريم - عليهما السلام -

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1080
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

بين هاجر ومريم - عليهما السلام -
أَخْبَرَنا اللهُ عن ما جَرى لمريمَ العذراء - عليها السلام -، بعدما نَفَخَ فيها الروحُ جبريلُ، وحَمَلَتْ بعيسى - عليه السلام -.
قال تعالى: (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) .
وقد سَبَقَ أَنْ ناقَشْنا الفادي المفترِي في تخطئَتِه القرآنَ في كلامِه عن
انتباذِ مريمَ عن أَهْلهِا، وعن النخلةِ وجِذْعِهاَ ورُطَبِها، وعن وَليدِها عيسى الذي كَلَّمها بعد لحظةٍ من ولادتِه.
وقد اعترضَ على القرآنِ من زاويةٍ أُخْرى، حيثُ زَعَمَ أَنَّ القرآنَ خَلَطَ
بينَ مريمَ وهاجر، فنَسَبَ لمريمَ ما حَصَلَ مع هاجر.
قال: " وفي هذا خَلْطٌ بينَ مريمَ العذراء وهاجرَ أُمّ إِسماعيل..
فهاجر هربت إِلى البرية بإسماعيل، ولما عطشت هيَّأَ الله لها عين ماء فشربت.
أَمّا العذراءُ فلم تَهْرُبْ إِلى بَرّيَّة، ولا احتاجَتْ إِلى الماء، ولا كانَتْ تحتَ نَخْلَة ... "  .
واعتراضُه مردود، لأَنَّنا نتحفَّظُ على ما ذَكَرَهُ الأَحبارُ في سِفْرِ التكوين،
بالنسبةِ لهربِ هاجرَ بابنِها إِسماعيلَ إِلى البرية، بسببِ اضطهادِ سارةَ لها، فما
ذَكروهُ ليس في مصادِرِنا ما يُؤَيِّدُه ويُصَدّقُه، ولذلك نتوقف فيه بدونِ تصديقٍ أَو تكذيب، ونقول: اللهُ أَعلمُ بذلك .
ويتجرأُ الفادي المفترِي على حديث القرآنِ عن مريم العذراء، فيُكَذِّبُه

هاجر والسيدة العذراء
إنه جاء فى سورة مريم: أن مريم لما حملت بالمسيح انتبذت به مكاناً قصيًّا. وعندئذ قد جعل الله لها تحتها (سريًّا) أى نهرا جارياً لتشرب منه. وهذا فى التوراة عن هاجر أم إسماعيل؛ فإنها لما عطشت هيأ الله لها عين ماء. وقد وضعه القرآن على مريم.
الرد على الشبهة:
إنه فسر السرى بالنهر الجارى. وليس كذلك. فإن الملاك ناداها بعدم الحزن؛ لأن الله قد جعل تحت كفالتها ورعايتها غلاماً سيكون سيّدا. فالسرى هو السيد وليس هو جدول الماء. وقد تحقق هذا الوعد؛ فإن المسيح صار سيِّدًا. أى معلماً للشريعة. وقال للحواريين عن هذا المعنى: " أنتم تدعوننى معلماً وسيداً. وحَسَناً تقولون؛ لأنى أنا كذلك " [يو 13: 13] . اهـ (شبهات المشككين)

قائِلاً: " وأَمّا العذراءُ فلم تَهْرُبْ إِلى بَرِّيَّة، ولا احتاجَتْ إِلى ماء، ولا كانتْ
تَحْتَ نَخْلَة "!.
وقد أَحبَرَنا اللهُ في القرآنِ أَنَّ مريمَ العذراءَ - عليها السلام - اعتزلَتْ أَهْلَها، وابتعدتْ عنهم، وانتبذَتْ بابنِها الذي حَمَلَتْه مكاناً قَصِيّاً..
وهناك جاءَتْها آلامُ المَخاض، فأَلجأَتْها إِلى جذعِ نخلةٍ حَيَّة، فاعتمدَتْ عليه، واستندَتْ إِليه، وازدادت الآلامُ بها حتى إِنها تمنتْ أَنْ تكونَ ماتَتْ قبلَ هذا الوضع..
وما هي إِلا لحظةٌ حتى وضعتْ مولودَها عيسى بيُسْر، وما هي إِلّا لحظةٌ حتى
سمعَتْ مولودَها يُكَلّمُها وهو تَحْتَها، ويَدْعوها إِلى عدمِ الحُزْن، ويُرشدُها إِلى
أَنْ تَشربَ من ماءِ الجدولِ الذي أَجراهُ اللهُ تحتَها، وأَنْ تَهُزَّ جذعَ النخلةِ إِليها، حيث يتساقَطُ عليها الرطَبُ الجنيُّ الذي أَنضجَهُ اللهُ لها، وإِذا رأَتْ أَمامها
أَحَداً لا تكلِّمُه، لأَنها صائمةٌ عن الكلام، وسيتولّى مولودُها مهمةَ الكلامِ نيابهً عنها.
هذا ما قالَه القرآنُ عن ولادةِ مريمَ ابنَها عيسى - عليهما السلام -، وهو الصحيحُ والصوابُ عندنا، ولا وَزْنَ لكلامِ الفادي المخالفِ له، ولا قيمةَ لاعتراضِه عليه!!.

Powered by Vivvo CMS v4.7