حول كلام عيسى في المهد
حول كلام عيسى في المهد
أَخبرَ اللهُ أَنَّ عيسى - عليه السلام - تكلمَ في المهد، أَيْ كَلمَ الناسَ وهو على حضْنِ أُمِّه.
قال تعالى: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) .
وقال تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا) .
وذَكَرَ القرآنُ أَنَّ عيسى تكلمَ في المهدِ مرتَيْن:
المرةُ الأُولى: بعد أَنْ وَلَدَتْه أُمُّه مباشرة، فناداها مِنْ تحتها، ودَعاها إِلى
عَدَمِ الحُزْن، وأَرشَدَها إِلى الطعامِ والشرابِ، وعدم كلامِ الناس.
قال تعالى: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) .
المرةُ الثانية: بعدما حملَتْه وذهبَتْ به إِلى قومِها، وتَعَجَّبوا من الأَمْرِ،
وسأَلوها عن تفسيرِ الأَمْر، فلم تُكلمْهم، وأَشارَتْ إِليه وهو على حضنِها،
فكلَّمَهم بلسانٍ فصيح، وقَدَّمَ نفسَه إِليهم..
قال تعالى: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) .
ولكنَّ الفادي كَذَّبَ القرآنَ وخَطَّاَه، وحاكَمَهُ إِلى كتابه المقَدَّس.
قال: " ويقولُ الكتابُ المقَدَّس: إِنه لما جاءَ المسيحُ في الجَسَدِ كان يَنْمو نُمُوّاً
طبيعياً، سواءٌ في بَدَنِه أَو عَقْلِه وتفكيرِه.
فقالَ الإِنجيل: " وأَمّا يَسوعُ فكان يتقدَّمُ في الحكمةِ والقامةِ والنعمة، عندَ اللهِ والناس " فلم يَحدثْ أَنْ تكلمَ المسيحُ في المهد " (1) (2) .
وإن كلام الفادي المفترِي مردود، ومحاكمته القرآن إلى الكتاب المقدس
خطأ منهجي منه، لأن القرآن هو الأصل والمرجع، وبما أنه ذكر أن عيسى - عليه السلام - تكلم في المهد، فقد تكلم عيسى في المهد..
ثم إنه ليس في الأمر ما يدعو للاستغراب أو الإنكار، لأن كلامه في المهد لم يكن أمراً مألوفاً معتاداً، وإنما كان آية خارقة من آيات الله! والله الذي خلق عيسى - عليه السلام - من غير أب هو الذي أنطقه في المهد!!.