• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين

بواسطة |   |   عدد القراءات : 890
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين
يَرى الفادي المفترِي أَنَّ المسلمينَ حَرَّفوا القرآن، وأَسقطوا منه بعضَ
سُوَرِه، وأَنَّ بعضَ المسلمين أَلَّفَ بعضَ السورِ القرآنية، وهو بهذا يُكَذِّبُ آياتِ التحدي، التي قَرَّرَتْ أَن البَشَرَ لا يمكنُ أَنْ يأتوا بمثْلِ القرآن.
قال: " جاءَ في سورةِ البقرة: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) .
وجاءَ في سورةِ يونس: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) .
وجاءَ في سورة الإسراء: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) . "
ولم يُصَدِّق الفادي المفترِي مضمونَ آياتِ التحدي، وزَعَمَ أَنه تَمَّ الإِتْيانُ
بسُوَرٍ مثلِ القرآن.
قال: " فماذا يَحدثُ لو أَنَّنا أَتينا بسورةٍ واثنتينِ وثلاثِ سُوَرٍ
مثلِ القرآن، دونَ حاجةٍ إِلى اجتماعِ الإِنسِ والجِنِّ؟ ".
والسورُ الثلاثُ التي زَعَمَ الفادي المجرمُ أَنها مثْلُ القرآن، هي سور:
الخَلْعِ والحَفْدِ والنُّورَيْن، وزَعَمَ أَنَّ سورتي الحَفْدِ والخَلْعِ كانتا في مصحفِ
أُبَيّ بنِ كَعْب وابنِ عباس، وذَكَرَ كلماتِ السُّوَرِ الثلاث.

ونَصُّ سورةِ الخلْعِ الذي ذَكَرَه هو: " اللهمَّ إِنّا نَستعينُك ونَستغفرُك، ونُثْني
عليكَ ولا نَكْفُرُك، ونَخلعُ ونَتركُ مَنْ يَفجرُك ".
ونَصُّ سورةِ الحَفْدِ الذي ذَكَرَه هو: " اللهمَّ إِيّاك نَعْبُد، ولك نُصَلّي
ونَسجد، وإِليكَ نَسْعى ونَحْفِد، نَرجو رحمتَك ونَخشى عَذابَك، إِنَّ عذابَك
بالكفارِ مُلْحِق ".
وعَلَّقَ على كلماتِ السورتَيْن المزعومتَيْن بقوله: " ومعلومٌ أَنَّ سورتَي
الخَلْعِ والحَفْدِ جاءَتا في مصحفِ أُبَيِّ بنِ كعب، وفي مصحفِ ابنِ عباس، وأَنَّ
محمداً عَلَّمَهُما لعليّ بن أَبي طالب، الذي كان يُعَلِّمُهما للناس، وصَلّى بهما
عمر بن الخطاب..
فلماذا لا تُوجدَانِ في القرآن المتداوَلِ اليوم؟
ولماذا أَسْقَطَهُما المسلمون؟.. ".
وهذا التعليقُ كَذِب وافتراء، ومَصاحفُ الصحابةِ الشخصيةُ لا تُخالفُ
المصحفَ الإِمامَ، الذي أَجمعَ عليه الصحابة، ولم يكنْ لأُبَيِّ بنِ كعبٍ، ولا
لابْنِ عَبّاس ولا لابنِ مسعود - رضي الله عنهم - مصاحِفُ خاصَّة، فيها سورتا الخَلْعِ والحَفد، كما زَعَمَ الفادي المفترِي.
وأَلْفاظُ سورتي الخَلْعِ والحَفْدِ التي سَجَّلَها الفادي الجاهلُ، كان عمرُ بنُ
الخطاب - رضي الله عنه - يَقرأ بها في الصلاةَ! وعَلَّمَها الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - علياً، ليقرأَ بها في الصلاة!! نعم، هذا صحيح!! لكنْ ليسَ على أَنها من القرآن، وإِنما على أَنها دعاء لله.
أَلفاظُ السورتَيْن المزعومتَيْن جزءٌ من دعاءِ القُنوت، كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْعو به في الصلاة، وعَلَّمَه لعمرَ وعليٍّ وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم -، وكانوا يَدْعونَ اللهَ به في الصلاة، وسمعَه منهم المسلمون، ورَوَوه عنهم، وذُكِرَ هذا في الكتب..
وقَرَأَ قومُ الفادي من المستشرقين أَلْفاظَ هذا الدعاء، وأَنهم كانوا
يَذْكُرونَه في الصلاة، فاعْتَبَروهُ من القرآنِ لجَهْلِهم وغَبائِهم!!.

دُعاءُ القنوتِ الذي يَدْعو به المؤمنون في صلاةِ الفجر، وفي صلاةِ الوِتْر
هو: " اللهمَّ إِنّا نَستعينُك، ونَستهديك، ونَستغفرُك، ونَتوبُ إِليك، ونُؤمنُ بك، ونتوكَّلُ عليك، ونُثْني عليكَ الخيْرَ كُلَّه، نَشكُرُك ولا نَكفُرُك، ونَخلعُ ونَتركُ مَنْ يَفجرُك، اللهمَّ إِيّاك نَعْبُد، ولكَ نُصَلّي ونَسْجُد، وإِليكَ نَسْعى ونَحْفِد، نَرجو رَحْمَتَك، ونَخشى عَذأبَك، إِنَّ عذابَكَ الجِدَّ بالكُفّارِ مُلْحِق ".
أَمّا كلماتُ سورةِ النورَيْن التي زعمَ المفْتري وقومُه أَنَّها من القرآنِ
المحذوفِ فإِنها كلماتٌ ركيكةٌ ضعيفة، لا تَرْقى إِلى مستوى الكلامِ العربيِّ
الفَصيحِ البليغ، فَضْلاً عَنْ بُلوغِها مستوى القرآنِ العظيمِ المعجز، وهي كلماتٌ صاغَها قومٌ ضعفاءُ في التعبيرِ البيانيِّ المشرق!.
وأَضَعُ بين يدي القراءِ كلماتِ هذه السورةِ المفتراة، وأَدْعوهم إِلى إِمعانِ
النظرِ فيها، ليَعْرِفوا صِدْقَ ما أَقول:
" بسم الله الرحمن الرحيم:
يا أيها الذين آمَنوا: آمِنوا بالنورَيْن، أَنزلناهما، يَتْلُوان عليكم آياتي،
ويُحَذِّرانكم عذابَ يومٍ عظيم..
نُورانِ بعضهما من بعض، وإِنّا لَسميعٌ عليم..
إِنَّ الذين يعرفون بعَهْدِ اللهِ ورسوله في آياتٍ لهم جَناتُ النعيم..
والذين كفروا من بعدِ ما آمَنوا بنقْضهم ميثاقَهم وما عاهَدهم الرسولُ عليه يَقذفونَه في الجحيم..
ظَلموا أَنفسهم، وعَصوا الوحيَ الرسولَ أُولئك يُسقَوْنَ من حميم..
إِن اللهَ الذي نَوَّرَ السماواتِ والأَرض بما شاء، واصطفى الملائكةَ والرسل،
وجَعَلَ من المؤمنين أُولئكَ من خَلْقِه، يَفعلُ اللهُ ما يشاء، لا إِلَه إِلا هو
الرحمنُ الرحيم..
قد كفر الذين من قبلِهم برسلهم، فأَخَذْتُهم بمكْرِهم، إِنَّ
أَخْذي أَليمٌ شديد..
إِنَّ اللهَ قد أَهلكَ عاداً وثمود بما كَسَبوا، وجعَلَهم لكم
تذكرة، أفلا تتقون..
وفرعونُ بما طغى على موسى وأَخيه هارون أَغرقْتُه ومَنْ تَبِعَه أَجمعين..
ليكونَ لكم آية، وإِنَّ أَكثركم فاسقون..
إِنَّ اللهَ يجَمعُهم يومَ الحشر فلا يَستطيعونَ الجوابَ حين يُسأَلون..
إِنَّ الجحيم مأواهم، وإنَّ اللهَ حكيمٌ عليم..
يا أَيها الرسولُ بَلّغْ إِنذاري فسوفَ يَعلمون..
قد خَسِرَ الذين

كانوا عن آياتي وحُكْمي مُعْرضين..
مثل الذينَ يوفون بعهدِك إِني جزيتُهم
جناتِ النَعيم..
إِني لذو مغفرةٍ وأَجرٍ عظيم ... .
وإِنَّ عليّاً لمن المتَّقين..
وإِنّا لنُوَفِّه حَقَّه يومَ الدين..
وما نحنُ عن ظُلْمِه بغافِلين..
وكَرَّمْناهُ على أَهلِكَ أَجمعين..
وإِنَّه وذريتَه لَصابرون..
وإِنَّ عَدُوَّهم إِمامُ المجرمين..
قل للذينَ كَفَروا بعدما آمَنوا: طَلَبْتُم زينةَ الحَياةِ
الدنيا، واستعجَلْتُم بها، ونَسيتمُ ما وَعَدَكُم اللهُ ورسولُه، ونقضتمُ العهودَ من بعدِ توكيدِها، وقد ضرَبْنا لكم الأَمثالَ لعلكم تهتدون..
يا أَيها الرسولُ: قد أَنزلْنا إِليكَ آياتٍ مُبَيِّنات، فيها مَنْ يَتَوَفَّهُ مُؤْمِناً، ومَنْ يتوَلَّه من بعدِك يَظْهَرون..
فأَعرضْ عنهم إِنهم مُعرضون..
إِنّا لهم مُحَرّضون، في يوم لا يُغْني عنهم شيءٌ، ولا هم يُرْحَمون..
إِنَّ لهم في جهنَّم مقاماً عنه لا يَعْدلون..
فَسَبِّحْ باسمِ رَبِّك وكُنْ من الساجدين..
ولقد أَرسلْنا موسى وهارون، فبَغَوْا هارون، فصَبْرٌ جَميل، فجعلْنا منهم القِرَدَةَ والخَنازير، ولَعَنّاهم إلى يوم يُبْعَثون..
فاصْبِرْ فسوفَ يُبْلون، ولقد آتينا بك الحُكْم، كالذينَ من قبلِك من المرسلين..
وجعلْنا لك وَصِيَّاً منهم لعلَّهم يَرجعون..
ومَنْ يَتَولَّ عن أَمْري فإني مُرجعُه، فلْيتمتَّعوا بكفْرهم قليلاً، فلا تسأَلْنِ عن الناكثين..
يا أَيها الرسولُ قد جعَلْنا لك في أَعناقِ الذين آمَنوا عهداً، فَخُذْهُ وكُنْ من الشاكرين..
إِنَّ علياً قائماً بالليلِ ساجِداً، يَحذرُ الآخرةَ ويَرجو رحمةَ ربه.
قل هل يَستوي الذين ظَلموا، وهم بِعذابي يعلمون..
سيَجعلُ الأَغلالَ في أَعناقِهم، وهم على أَعمالِهم يندمون..
إِنا بشرناك بذرية الصالحين..
وإنهم لأمرنا لا يخلفون..
فعليهم مني صلاة ورحمة، أَحياءً وأَمواتاً ويومَ يُبْعَثون..
وعلى الذين يَبْغونَ عليهم من بعْدِك غَضَبي، إِنهم قومُ سوءٍ خاسرين..
وعلى الذين سَلَكوا مَسْلَكَهم منّي
رحمة وهم في الغُرُفات آمِنون..
والحمدُ لله ربّ العالمين.. آمين.. ".
هذا هو النصُّ الركيكُ لسورة النّورَيْن، وقد تَعَمَّدْتُ أَنْ أَذكُرَه كما هو في
كتابِ الفادي المفترِي، بأَخطائِه النحويةِ واللغوية، وأَدْعو القُرّاءَ إِلى الصبرِ

على قراءتِه، ليعرفوا المستوى الهابط الذي انحدر إليه الذين كتبوه..
وزعموا أنه وحي من الله، وأَنه كانَ في القرآن، ثم حَذَفَه منه المسلمون زَمَنَ
عثمانَ - رضي الله عنه -.
ولا وَجْهَ للمقارنةِ بينَ هذا الكلامِ وبينَ القرآن، لأَنه لا مُقارنَةَ
بين الثّرى على الأَرْضِ والثُّرَيّا في السماء!!.
وكم كان الفادي غَبِيّاً سَخيفاً عندما جَعَلَ عنوانَ كلامِه: " سُوَرٌ مِثْلُه "،
وادَّعى أَنَّ هذا الكلامَ مِثْلُ القرآن! ولا أَتحرجُ من ذِكْرِ وتَسجيلِ ما زَعَمَه
بعضهم من أَنَّه قرآن، وما ادَّعاهُ بعضُهم من القدرةِ على معارضةِ القرآنِ
والإِتيانِ بسوَرٍ مثلِه، ولا أَخافُ منه على القرآن.
ولدي قراءتِنا لكلامِهم التافهِ الذي كَتَبوه نَزْدادُ ثقةً بالقرآن، ومحبةً له، ويَقيناً بأَنَّه كلامُ الله، وعجز البشرِ الأَبَدِيِّ عن معارضتِه!!.

Powered by Vivvo CMS v4.7