حول تأخر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حول تأخر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ذَكَرَ الفادي المفترِي خُرافةَ مَوْتِ جَرْوٍ تحتَ سريرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، مما جَعَلَ الوحْيَ يتأَخَّرُ عنه أَياماً، ولم يَنزلْ عليه إِلا بعدَ إِخراجِ جُثَّةِ الجرو، وجَعَلَ المفترِي عنوانَ الموضوعِ تَهَكُّمِيًّا: " جَرْوٌ يُعَطِّلُ الوَحْيَ! ".
ونَسَبَ هذه الخرافةَ إِلى تَفسيرِ البيضاوي.
وزَعَمَ أَنَّ خُرافةَ الجَرْوِ الميتِ سببٌ في نُزولِ قولِه تعالى: (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) .
قالَ الفادي: " قال البيضاوي: رُوِيَ أَنَّ الوحْيَ تَأَخَّرَ عن رسولِ اللهِ
أَياماً..
لأَنَّ جَرْواً مَيتاً كانَ تَحْتَ سَريرِه..
فقالَ المشركون: إِنَ محمداً وَدَّعَهُ رَبُّه وقَلاه، فَنَزَلَت رَدّاً عليهم ".
وجعل الفادي المفترِي نفسَه عالِماً بالحديث، خَبيراً بالتَّصحيحِ
والتضعيف، فَزَعَمَ أَنَّ روايةَ الجَرْوِ المَيِّتِ مرويةٌ بسَنَدٍ صَحيح! قال: " ...
ورُوِيَ بإِسنادٍ صَحيحٍ أَنَّ جَرْواً دَخَلَ بيتَ محمد، فاتَ تحتَ السرير، فماتَ، فانْقَطَع الوحْيُ عنه، فقال محمدٌ لخادمتِهِ خَوْلَة: يا خَوْلَة! ماذا حَدَثَ في بيتي؟
جبريلُ لا يَأتيني..
فَقُلْتُ في نَفسي: لو هَيَّأتُ البيتَ فَكَنَسْتُه، فأَهويتُ بالمكنسَةِ تَحْتَ السَّرير، فأَخْرَجْتُ الجَرْوَ ...
فجاءَ محمدٌ يَرْعَدُ بجُبَّتِه، وكانَ إذا نَزَلَ الوَحْيُ أَخَذَتْه الرعدةُ، فقال: (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) .
وهذه الروايةُ مكذوبةٌ موضوعة، رَغْمَ ورْودِها في بَعْضِ كُتُبِ المأثور،
ومِن غَيْرِ المقبولِ والمعقولِ أَنْ يَموتَ جَرْوٌ تَحْتَ سَرِيرِ رسولِ الله - عليه السلام -، وأَنْ تَبْقى جُثَّتُه تحتَ السَّرير أَياماً عَديدةً، بدونِ أَنْ تَخْرُجَ رائحتُها المنتنة، أَو أَنْ يَنْتَبِهَ لها أَحَد.
وأَثارَ الفادي المفترِي على الروايةِ المكذوبةِ أَسئلةً تهكميةً خبيثة، قال:
" ونحنُ نسأَلُ: أَيُّ نوعٍ من الوحي هذا الذي يَنقطعُ عن البَشَر بسببِ جَرْوٍ؟
وأَيُّ مَلاكٍ هذا الذي يُقاطِعُ نبيًّا بسببِ جَرْوٍ؟
وما دَخْلُ الجَرْوِ في الوحي؟
أَلمَ يَكُنْ أَغَلَبُ الأَنبياءِ كإِبراهيمَ وإِسحاقَ ويعقوب وموسى وداودَ رُعاةَ أَغْنامٍ
وتَحْرُسها الكلاب؟
فلماذا لَمْ نَسمعْ بمقاطعة السَّماءِ لهم من أَجْلِ كِلابِهم؟ ... ".
وكلُّها أَسئلةٌ متهافتةٌ لأَنها تتعلقُ بروايةٍ مَكْذوبةٍ موضوعة، وهي تَدُلُّ على
جَهْلِ الفادي وتحامُلِهِ، وحِرْصِه على إِثارةِ الشبهاتِ ضدَّ القرآن، ولو لم يَكُنْ
عليها دَليلٌ أَوْ بُرْهان!.