معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

بواسطة |   |   عدد القراءات : 885
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)
اعْترضَ الفادي على حُكْمِ شَرْعيٍّ يَتعلّقُ بالطلاق، فللرجلِ على امرأَتِه أَنْ
يُطَلِّقَها ثلاثَ طَلْقات، فإِنْ طَلقًها الطلقةَ الثالثةَ حَرُمَتْ عليه، ولا تَحِلُّ له إِلّا
بعدَ أَنْ يَتزوَّجَها رجلٌ آخَر، ويُطَلِّقَها إِنْ شاء! وقد وردَ هذا الحُكمُ صَريحاً في
قَولِ اللهِ - عز وجل -: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) .
وذَكَرَ الفادي خَبَراً عن البيضاويِّ يُعتبرُ سَبَباً في نزولِ الآية، وقد وَرَدَ
هذا الخبرُ في الصحيحَيْن.
روى البخاريُّ ومسلمٌ عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت: تَزَوَّجَ
رفاعَةُ القرظيُّ امرأة، ثم طًّلقَها، فتزوَّجَ آخَر، فأَتَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتْ أَنه لا يَأتيها، وأَنه ليسَ معه إلّا مثْلُ هُدْبَةِ الثوب! فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: (لا، حَتّى تَذوقي عُسَيْلَتَه ويَذوقَ عُسَيْلَتَك ".
ومعنى الحديثِ أَنَّ رفاعةَ القرظيَّ طَلَّقَ امرأَتَه ثَلاثَ تَطليقات، وبذلك
حَرُمَتْ عليه، فتزوَّجَتْ رَجُلاً اَخر - هو عبدُ الرحمن بنُ الزبيرِ في بعضِ الروايات -
وكان مُصاباً بالعَجْز الجِنْسِيّ، وذَكَرُهُ مُتَراخٍ كقطعةِ القِماش، فلم يُعاشِرْها،
فأَرادَتْ أَنْ تَعودَ لزوجها الأَوَّل، وأخبرتْ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فمنعَ ذلك إِلّا بَعْدَ أَنْ يُعاشِرَها زوجُها الثاني، وعَبَّرَ عن الجِماعِ بذَوْقِ العُسَيْلَة.
ودَلَّ هذا على اشتراطِ جِماعِ الزوجِ الثاني لها، حتى تَعودَ إِلى زَوْجِها الأَوَّل: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .
واعترضَ الفادي على الحُكْمِ الذي تُقَرّرُه الآية.
قال: " وكثيراً ما تكونُ امرأةٌ، لها زَوْجٌ عظيم، وأَولادٌ وبنات، هم سادَةُ مجتمعهم، وفي حالةِ غَضَبٍ يُطَلِّقُها زوجُها، ثم يَنْدَمُ على ما فَعَلَ، فإِذا الشرعُ القرآنى يُلْزِمُ هذه السيدةَ أَنْ تُجامعَ غيرَ زوجِها قبلَ أَنْ تَعودَ إِليه! ".

إِنَّ الفادي يَرفضُ الطلاقَ ويُحارِبُه ويُنكرهُ، ويُخَظَئُ القرآنَ لأَنه أَباحَه،
وهو يَعتبرُ زواجَ المرأةِ المطَلَّقَةِ بزوجٍ آخَرَ جَريمة.
وانظرْ إلى عبارتِه البذيئةِ الوقحة، التي يعتبرُ فيها الزواجَ الثانيَ لها زِنى،
ويَعتبرُ زوجَها الثاني زانياً، وهي زانية، ويَعتبرُ القرآنَ داعياً إِلى الزنى! " فإِذا
الشرعُ القرآنيُّ يُلزِمُ هذه السيدةَ أَنْ تُجامِعَ غيرَ زوجِها قبلَ أَنْ تَعودَ إِليه! ".
اللهُ يَقولُ: (فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) ، والنِّكاحُ هو عقْدُ
الزواج، وما يَترتَّبُ عليه من جِماعٍ ومعاشرةٍ زوجيَّة، فلا بُدَّ لزوجِها الثاني من أَنْ يُجامعَها حتى تَعودَ لزوجها الأَوَّل، كما صَرَّحَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - لامرأةِ رِفاعَة.
وحَرَّفَ الفادي المحَرّفُ المجرمُ الجملة القرآنية إلى قوله: " يُلزم القرآن
هذه السيدةَ أَنْ تُجامِعَ غيرَ زوجها "! فهو يَعتبرُ إِتيانَ الرجلِ الثاني لها مُجَرَّدَ
جِماع، والجِماعُ بدونِ زَواجٍ هو الزّنَى بعينِه!! فالقرآنُ في نَظَرِ الفادي الفاجرِ يَدْعو إِلى الزنى والفجور!!.
واللهُ حكيمٌ في تشريعِه الطَّلاق، وفي تحديدِ الأَحكامِ المترتبةِ على كُلّ
طَلْقَة، وحُكْمُه صحيحٌ وصَوابٌ في تحريمِ الزوجةِ على زوجِها بعدَ الطلقةِ الثالثة، وبَعْدَما تنتهي عِدَّتُها منه تكونُ هي بالخَيار، فإنْ تَقَدَّمَ لها رَجلٌ اَخرُ جازَ أَنْ تتزوَّجَه، ولا بُدَّ أَنْ ينكحَها ويُعاشِرَها ويُجامعَها، وغالباً قد لا يُطَلّقُها، فإِنْ بَدا له أَنْ يُطَلِّقَها، فإِنه يَجوزُ أَنْ يَتزوَّجَها زوجُها الأَوَّل، بعد انقضاءِ عِدَّتِها من زواجِها الثاني! وليس في هذه الأَحكامِ القرآنيةِ عيبٌ أَو ذَمٌّ أَو خَطَأٌ واعتراض!!.

Powered by Vivvo CMS v4.7