الحجاب الحافظ للمرأة
الحجاب الحافظ للمرأة
اعترضَ الفادي على القرآنِ في دعوتِه المسلماتِ إِلى الحجابِ ليحفَظْنَ
أَنفسهُنَّ من الخطر.
قال: " جاءَ في سورةِ النور: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) .
وجاءَ في سورةِ الأحزِاب: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ..)
ونحنُ نَسألُ: هل يمنعُ حجابُ المرأةِ عينَ الرجلِ الشِّرّيرِ مِنْ أَنْ تَشْتَهي؟
إِنَّ عينَ الشِّرّيرِ تَرى بعينِ الخَيال!.
ولقد تَحَدَّثَ الإِنجيلُ عن الولادةِ الجديدةِ وتَغييرِ القلبِ بعمَلِ الروحِ
القُدُسِ، الذي نَتيجتُه: أَنْ تَخْلَعوا من جهةِ التصرفِ السابقِ الإِنسانَ العَتيقَ
الفاسدَ بحسَبِ شَهَواتِ الغُرور، وتَتَجَدَّدوا بروحِ ذِهْنكم، وتَلْبَسوا الإِنسانَ
الجديد، المخلوقَ بحسبِ الله، في البِرِّ وقَداسَةِ الحَقّ " .
الحجابُ مُحافَظَةٌ على المرأةِ المسلمة، وتكريمٌ لها، وبه تَسْتُرُ المرأةُ
عورَتَها، ولا تَفْتنُ بها الآخَرين.
ولكنَّ الفادي يُنكرُ على القرآنِ دعوتَه المرأةَ المسلمة إِلى التَّحَجُّبِ والتَّعَفُّفِ والتَّسَتُّر والتَّطَهُّرِ، ويَرى أَنه لا داعيَ ولا حاجةَ له!
لماذا؟ لأَنَّ هذا الحجابَ لا يَمنَعُ عينَ الرجلِ الشِّرِّيرِ من أَنْ تَشتهيَ
المرأةَ المتحجِّبَة، لأَنَّ عينَ الشّرّيرِ تَرى بعينِ الخيال!
أَيْ أَنَّ الرجلَ الشّريرَ يَنظرُ للمرأةِ المحجَّبَة، ويَشْتَهيها، ويتخيَّلُها بخَيالِه عارية!!.
الحَلُّ عندَ الفادي أَنْ لا تَتَحَجَّبَ المرأةُ، وأَنْ لا تَسْتُرَ فتنَتَها وزينَتَها عن
الرجلِ الشرير، وإِنما الحَلُّ في تربيةِ الرجُل، وإِزالةِ الشَّرّ من قَلْبِه، وإِماتةِ
الشَّهَوأتِ من نفسِه، وملءِ قلْبِه بالبِرِّ والحَقّ، ولذلك نَقَلَ نَصّاً من الإِنجيلِ يَدْعو فيه إِلى ميلادٍ جديدٍ للإِنسان، وتغييرِ قَلْبه وكيانِه ليتحوَّلَ من الشهواتِ إلى الحَقِّ!.
والإسلامُ الذي يَدْعو المرأةَ المسلمةَ إِلى السِّتْرِ والتَّحَجُّبِ، يَعلمُ أَهميةَ
الحجابِ في المحافظةِ على المرأة، وفي نَشْرِ العفافِ والفضيلةِ في المجتمع.
وهو في نفسِ الوقتِ الذي يَدْعوها للحجابِ يَلتفتُ إِلى الرجُل، ويَدْعوهُ إلى
التعفّفِ والتطهُّر، وعدمِ الاستعبادِ للشهوات، وعدمِ ارتكابِ المحَرَّمات.
ولذلك أَمَرَ الرجالَ بغَضِّ البصرِ وحفظِ الفرْج قبلَ أَمْرِ النساءِ بذلك.
قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) .
قضية الحِجاب
الرد على الشبهة:
السياق القرآنى لآية الخمار يبين أن العلة هى العفاف وحفظ الفروج، حيث يبدأ بالحديث عن تميز الطيبين والطيبات عن الخبيثين والخبيثات..
وعن آداب دخول بيوت الآخرين، المأهول منها وغير المأهول..
وعن غض البصر..
وحفظ الفروج، لمطلق المؤمنين والمؤمنات..
وعن فريضة الاختمار، حتى لا تبدو زينة المرأة - مطلق المرأة - إلا لمحارم حددتهم الآية تفصيلاً.
فالحديث عن الاختمار حتى فى البيوت، إذا حضر غير المحارم..
ثم يواصل السياق القرآنى الحديث عن الإحصان بالنكاح (الزواج) وبالاستعفاف للذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله:
(الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) .
فنحن أمام نظام إسلامى، وتشريع إلهى مفصل، فى العفة وعلاقتها بستر العورات عن غير المحارم.
وهو تشريع عام، فى كل مكان توجد فيه المرأة مع غير محرم.
بل إن ذات السورة - (النور) تستأنف التشريع لستر العورات داخل البيوت - نصاً وتحديداً - فتقول آياتها الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) .
فنحن أمام تشريع لستر العورات، حتى داخل البيوت، عن غير المحارم - الذين حددتهم الآيات - ومنهم الصبيان إذا بلغوا الحلم..
فحيث أمر الله بالعفاف وحرم الزنا وأقر الزواج وأباح إمكانية التعدد فكان لابد لكمال التشريع من الأمر بدرء ما يوصل إلى عكس ذلك كله فأمر بالحجاب وبغض البصر وبعدم الخلوة وهو أَمْرٌ له سبحانه فى كل دين. اهـ (شبهات المشككين) .
وإِذا نَظَرَ الرجلُ إِلى المرأةِ نظرةً خِلْسَةً فعينُه خائِنَة، واللهُ يَعْلَمُ خِيانَتَها.
قال تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) .
إِنَّ التربيةَ القرآنيةَ متكاملةٌ متناسِقَة، فالقرآنُ يُرَبّي كُلّاً من الرجلِ والمرأَة،
ويأَخُذُ بأَيْديهما، ويَرْتَقي بهما إِلى عالمِ التَّسامي والفضائلِ والكمالات.