حول الريح المسخرة لسليمان - عليه السلام -
حول الريح المسخرة لسليمان - عليه السلام -
ذَكَرَ القرآنُ الريحَ التي سخَّرَها اللهُ لسليمانَ - عليه السلام -
قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) .
وقال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) .
وقال تعالى: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) .
ونَقَلَ الفادي كعادتِه من تفسيرِ البيضاويِّ بعضَ كلامِه عن الريح.
قال: (الرِّيحَ عَاصِفَةً) : شَديدَة الهُبوب، من حيثُ إنها تَبْعُدُ بكرسِيِّه في مدَّةٍ يَسيرة، كما قال تعالى: (غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) .
وكانت (رُخَاءً) في نفسِها طيبة.
وقيل: كانَتْ رُخاءً تارة وعاصفةً أُخرى، حسبَ إِرادتِه.
(إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) إِلى الشام.
وعَلَّقَ على ذلك مُشَكِّكاً فيه، فقال: " ونحنُ نسأل: ما الفائدةُ من تسخيرِ
الريحِ لسليمان، فتحملُ عرشَه مَتى شاء إِلى أَينَ شاء، وتشتَدُّ إِذا رَغِب، وتَلينُ إِذا رَغب؟
وما هو الهدَفُ من كُلِّ هذا؟
ماذا عادَ على بَني إِسرائيل أَو عَلى مملكةِ اللهِ من كلِّ هذا؟ ".
أَخَذَ الخُرافةَ، وحَمَّلَها للقرآن، وكَذَّبَه وخَطَّأَهُ بسببها!.
ذَهَبَ رُواةُ الخرافاتِ والرواياتِ غيرِ الصحيحة إِلى أَن الريح كانَتْ
خاصَّةً لسليمانَ - عليه السلام -، فقد كانَتْ تَحملُ عرشَه وكُرْسِيَّه وهو جالسٌ عليه، وتَطيرُ به في الجَوِّ، وتأْخُذُه حيثُ يَشاء، وهو راكب على " بِساطِ الريح "! وهي تُشبة طيرانَ الطائراتِ وسفنِ الفضاءِ في زماننا!.
ولذلك اعتبرَ الفادي هذه الريحَ بدونِ فائدةٍ لبني إِسْرائيل، فهي كأَنها طائرةٌ
شخصيةٌ لسليمانُ - عليه السلام -، يُسافِرُ عليها إِلى مختلفِ البلدان، ولذلك قال: " ما هو الهَدَفُ من كُلِّ هذا؟
وماذا عادَ على بني إِسرائيل ومملكةِ اللهِ من كُلِّ هذا؟ ".
ونقول للفادي: المستفيدُ من هذه الريحٍ هم بنو إِسْرائيل، ولم تكن الريحُ
تَطيرُ بسليمانَ - عليه السلام - وعرشِه وكرسِيِّه، إِنما كانتْ تأَتي بالغيثِ والمَطَر، وتَحملُ معها الرّخاءَ والخصْب..
وكانت تبقى ومعَها الغيثُ فوقَ الأَرضِ المباركةِ مُدَّةً طويلة، متمثلةً في منخفضٍ جَوِّيٍّ عمَيق، وتستمرُّ شهراً في غُدُوِّها، وشهراً في رَواحِها، نعمةً من اللهِ على سليمان - عليه السلام - وقومِه.
***