معنى كلمة سورة
بقلم: الشيخ أحمد جعفر الفاطمي
بسم الله الرحمن الرحيم
سُميت السورة القرآنية بــ(السورة) لأنها كالسُّوْر الذي يضم بداخله أشياء عديدة , فكما أن سور المدينة يحوي بداخله مباني وشوارع ومباني وأسواقاً وما إلى ذلك.... فكذلك السورة القرآنية فإنها تضم بداخلها مجموعة من الآيات قد تكون نصاً واحداً أو مجموعة نصوص تحوي بداخلها موضوعات وأفكاراً مختلفة يجمعها خيطٌ ناظمٌ ومعنى جامع يسور السورة بأكملها , وكما يقوم على هندسة سور المدينة مهندسون وخبراء, فكذلك السورة المباركة فقد أتت هندستها من لدن حكيم خبير أودع هندسته فيها, فجاءت قوية البناء , متناسقة الأجزاء, لا اختلاف فيها ولا تضارب, ذات نظام واحد متماسك, وُضعت فيه كل كلمة وضعاً فنياً مقصوداً.
ويرد عليه:
قال القرطبي في تفسيره: معنى السورة في كلام العرب:
1ـ الإبانة لها من سورة أخرى وانفصالها عنها، وسميت بذلك لأنه يرتفع فيها من منزلة. قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب
أي منزلة شرف ارتفعت إليها عن منزل الملوك.
2ـ وقيل سميت لشرفها وارتفاعها كما يقال لما ارتفع من الأرض سور.
3ـ وقيل سميت بذلك لأن قارئها يشرف على ما لم يكن عنده كسور البناء بغير همزة.
4ـ وقيل سميت بذلك، لأنها قطعت من القرآن على حد، من قول العرب للبقية: سؤر، وجاء أسآر الناس أي بقاياهم، فعلى هذا يكون الأصل سؤرة بالهمزة ثم خففت فأبدلت واوا لانظمام ما قبلها.
5ـ وقيل سميت بذلك لتمامها وكمالها من قول العرب للناقة التامة: سورة، وجمع سورة سور بفتح الواو. وقال الشاعر:
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
هذه معان خمس تجمل اغلب الاقوال التي تعرض لها الخلف وتابعهم السلف، وقد ذكر السيوطي اكثر منها او ما يرى انه متفرع عليها في الاتقان.
ولكن السؤال يأتي هنا:
على المعنى الذي تفضلتم به من ان معنى السورة ـ وهو اختيار الرازي ـ مأخوذ من علاقتها او تشبيهها بالسور او هي مشتقة منه لوجود علاقة الضم او التسوير او غيرها، فانه يرد عليه:
1ـ (أن السُّورة من سُور المدينة لم يسمع في جمعها "سُوَر"، كما سمع في جمع سورة من القرآن "سور") وهذا الاشكال عرض اليه أبو جعفر الطبري في تفسيره.
2 ـ ان مصطلح (السورة) مصطلح قراني خاص، لم يعهد عن العرب ان استعملوه في التعبير عن كلام له مبتدأ ومنتهى وموضوع او مواضيع، لذا فاننا لا نطمئن لكل تلك التفسيرات او الآراء في معنى هذا المصطلح؛ لأنها ستبقى مجرد اجتهادات في تفسير هذا الاصطلاح القراني، ومن هنا ينبغي لنا ـ ان اردنا تحديد معنى هذا المصطلح بطريق معتمد ـ ان نلجأ الى القران نفسه لنفسر هذا المصطلح بحسب اصطلاح القران نفسه، وذلك بتتبع الايات التي وردت فيها كلمة سورة، ثم اخذ الصفات التي نص عليها القران عند تسميته للايات بانها سورة، مع ملاحظة السياق كقرينة واضحة هذا من جهة
ومن جهة أخرى ملاحظة الخصائص العامة لكل سورة من سور القران الـ114 وبذلك تجتمع لدينا مجموعة قرانية من الصفات بعد استثناء طول السورة او قصرها او مكيتها ومدنيتها او غيرها من الخصائص العامة التي لا دخل لها في قوام ما اصطلح عليه القران انه سورة.
3ـ لو أراد احد من الانس او الجن ان يستجيب للتحدي القراني واراد ان يأتي بشيء يدعي انه سورة او عشر سور، عندها كيف سنرده، او ننقض مدعاه ونحن لم يتبلور عندنا المفهوم القراني للسورة؟ ـ والاختلاف بين العلماء في معنى السورة ببابك ـ
فلو قلنا ان ما جئت به ليس سورة لأنها ليس في فيها ابانة او لايشرف قارئها بقرائتها او ليست كالسور الذي يسور الموضوعات والمعاني او او
فان سلّم معنا ـ ولم يقل ان هذا جدال غير علمي ـ فانه سيذهب ويعدّل ما كتبه متلافيا اشكالاتنا عليه ثم يرجع فيقول هاكم هذه سورة فيها كل الموصفات التي ذكرتموها لسوركم.
فما نقول له؟