• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

"لماذا الأحكام الإلهية تقع في سياق مخالفة النفس" ؟!

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1327
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
"لماذا الأحكام الإلهية تقع في سياق مخالفة النفس" ؟!

بقلم : الشيخ محمد الجوراني

"لماذا الأحكام الإلهية تقع في سياق مخالفة النفس" ؟!

 

إن التشريعات الإلهية عموما و بالأمر والنهي خصوصا تأتي بشكل كبير في إطار مخالفة رغبات النفس وغير منسجمة معها ومثاله : كتشريع الجهاد المخالف لرغبة حب الحياة والتعلق بها  وتشريع صلاة الصبح المخالف لرغبة النفس في الاستيقاظ في مثل هذا الوقت

وتشريع الانفاق في الخمس والزكاة والصدقات وحقوق الاخرين المخالف لرغبة النفس بجمع المال والحرص على جمعه لا انفاقه ,وعلى هذه فقس الكثير من الاحكام 

 

حتى في اختيار القيادة الإلهية 

 

"وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"

 

وهو اسلوب نبوي مستلهم من القرآن فقد امر رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بان يكوموا تحت قيادة اسامة بن زيد وهو شابًا، لا يتجاوز الثامنة عشر من العمر، فإن المنافقين أكثروا القول في تأميره وتوليته أمر قيادة الجيش الإسلامي، ..فظهر فيهم حسكة النفاق!!

 

السؤال هنا : فلماذا تقع  اكثر التشريعات في هذا السياق الكبير وذلك يرجع لأمور منها :-

1-معرفة حال العبد المؤمن اهو مؤمن فعلا ام لقلقة لسان وادعاء قال تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا  قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )

2-بيان حال المنافق من المؤمن الصادق لان المنافق لا يصمد امام الكثير من التشريعات الالهية لمخالفتها لرغبته فلو جاءت موافقة للرغبات لاختلط الامر علينا

3-معيار حقيقي للتفاضل بين المؤمنين بنيل الدرجات ورفع المقامات فالامتثال يكشف مستوى صاحبة قربا وبعدا 

 

فماهو المعين لمخالفة الهوى وترك الرغبة وتطبيق الحكم الشرعي ؟؟

الله تعالى انزل مع التشريعات الالهية مايعين على تطبيقها واتصور انها تتركز في عدة امور منها

1-المحبة : محبة الله بعد التعرف عليه وعلى عظمته وبركاته ورحمته يعطي حافزا كبيرا للامتثال افلا ننظر اننا حين نحب مخلوقا كم نخالف رغباتنا لاجله وسببها الحب

2-الصبر : قوة التحمل والاستعداد لتلقي الاحكام والتكاليف هي داخلة في دائرة الوسع والطاقة قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )

3-الفوز بالجنان : الخالدات مع الابرار والائمة الاخيار بمعنى التعلق بالعطاء الالهي حين يخالف رغبته ويمتثل امر ربه  بالخوف او الرجاء قال تعالى (مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى  فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )

 

خطورة عدم مخالفة الرغبات والهوى في سبيل الحق سبحانه ؟! 

بمعنى أن الذي لايخالف هواه في كثير من الأوامر والنواهي حل بديلا عن إيمانه المفقود وهو إله الهوى !!

فلنركز على هذه الايات التي تبين لنا ذلك 

قال تعالى ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ )

وقال (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )

وقال (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ )

وقال (كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ)

وقال (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)

 

فهنالك كلام في التحذير من اتباع الهوى وطول الأمل بترك اوامر الله والانزواء خلف الرغبات ..!!

فمن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام

«أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَطُولُ الْأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ اصْطَبَّهَا صَابُّهَا أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ كُلَّ وَلَدٍ سَيُلْحَقُ بِأَبِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَداً حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ».

استفسارٌ هامّ وجوابٌ

بما أنّ أداء الواجبات والتكاليف الشرعيّة يُهذّب شخصيّة الإنسان ويصونه من ارتكاب المحرّمات، فكيف يرتكب بعض الناس المعاصي والآثام برغم التزامهم بأداء فرائضهم الدينيّة، كالصلاة والصيام والحجّ؟! لماذا لا تحول أعمالهم العباديّة دون انحرافهم؟!

وفي الجواب نقول:

أوّلاً: إنّ الملتزمين بأداء فرائضهم الدينيّة، طبعاً، أقلّ ارتكاباً للمعاصي من غير المتديّنين الذين لا يُعيرون أهميّةً لما كُلّفوا به من واجباتٍ، ولا سيّما أنّهم أقلّ ارتكاباً لكبائر الذّنوب والآثام التي تفتك بالفر

 

د وتزلزل أركان المجتمع. ففي شهر رمضان المبارك على سبيل المثال، فإنّ غالبيّة المسلمين منهمكون في العبادة وأعمال الخير والمعروف،

الأمر الذي يجعل نسبة المعاصي في المجتمع تصل إلى أدنى حدٍّ لها طوال العام، لذا يمكننا القول إنّ العمل بظاهر أحكام الشريعة والتقيّد بأداء الواجبات له أثرٌ نسبيٌّ لا يمكن إنكاره.

ثانياً: إنّ التكاليف الشرعيّة بذاتها تقتضي ابتعاد الإنسان عن ارتكاب الذّنوب، وبإمكانها أن تصونه من الانحراف، ولكنّ بعض الناس لم يلتزموا بروح العبادة وحقيقتها وآدابها الظاهرية والقلبية التي تُزكّي النفس، فتقيّدوا بظاهرها وحسب.

فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "لا صَلاةَ لِمَن لَم يُطِعْ الصّلاةَ، وطاعةُ الصّلاةِ

وجاء في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام:

"قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوّي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا شتتّ عليه أمره ولبّست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم أوته منها إلا ما قدّرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي كفّلت السموات والأرضين رزقه وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة". 

 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7