• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

ادلة وجود الله ... نظرة من وجهة فلسفة الدين وعلم الكلام

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2836
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ادلة وجود الله ... نظرة من وجهة فلسفة الدين وعلم الكلام

 

بقلم الشيخ عبد الحكيم الخزاعي


اثبات الخالق

في مسالة اثبات الخالق توجد لدينا ثلاثة اتجاهات:

اولا: ادلة الاثبات ويتكفل بها علم الكلام سواء اكان علم كلام اسلامي ام غيره وهي ادلة عديدة تقوم على الوضوح العقلي والضرورة المنطقية وان كل انسان عاقل يمكن ان يتوصل بسهولة اذا تجرد عن المسبقات الى ضرورة وجود الخالق وعندها يكون الكفر بالإله غير مبررا.

ثانيا :عدم رجحان ادلة الاثبات على ادلة النفي وهو موقف تبناه امثال جون هيك حيث ساق ادلة الاثبات وناقشها وادلة النفي وناقشها ثم لم يرجح احدهما على الاخر وكان يرى هذا موقفا تسامحيا لذا يقول في كتابه (فلسفة الدين) بعدما سرد كلا الدليلين ادلة الاثبات والنفي (نخلص في هذا الفصل الى نتيجة موازية لنتيجة الفصل السابق ,حيث تبين انه لا يمكننا اثبات وجود الله بشكل جازم ,وفي هذا الفصل تبين اننا لا نستطيع اثبات عدم وجود الله بشكل جازم )وهو نوع من اللادرية ونحن نريد ان نناقش هذه المسالة بالأساس ونبين هل فعلا هما متساويان وفي مرتبة واحدة ام لا ولكن قبل ذلك لنذكر الاتجاه الثالث الذي بالتأكيد سيتبين بطلانه من خلال تبيان ان الاتجاه الاول هو الصحيح .

ثالثا :رجحان ادلة عدم وجود الاله وهي ادلة الالحاد والتي اما تقوم على قضايا فلسفية مثل مشكلة الشر او القضايا العلمية كنظرية التطور والانفجار العظيم .

 

 

المناقشات في ادلة اثبات الخالق.

ناتي الان الى المناقشات التي ابداها جون هيك وغيره على ادلة اثبات الخالق حتى يتبين عدم تماميتها بالتالي تكون هذه الادلة هي المرجحة والضرورية مع الملاحظة ان بطلان دليل ما لايعني بطلان اصل وجود الخالق فالتشكيك بالحجة لايلازمه ضرورة بطلان الشي فان نفي الاخص لاينفي الاعم فهناك ادلة كثيرة كما قيل ان الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق .ونحن سنستبعد برهان انسلم البرهان الوجودي الذي لم يقتنع به حتى اللاهوتيين بل ناقشه امثال الشيخ مطهري واثبت بطلانه بل سنركز على البراهين المتفق عليها عند علماء اللاهوت مثل الامكان والوجوب وبرهان النظم .

اشكالات ديفيد هيوم وغيره على برهان العلية او السببية وقد استعان جون هيك على ذلك للتشكيك ببرهان العلية الذي نقرره كما قرره الدكتور ايمن المصري في كتابه نهاية حلم وهم الاله (لاشيء يحدث من تلقاء نفسه في حد ذاته ,لاستحالة ان يخرج الشيء نفسه من العدم الى الوجود ,والموجد له ان كان حادثا ايضا افتقر الى موجد اخر فاما يتسلسل وهو محال او ينتهي الى موجد قديم غير حادث وهو الله تعالى .نهاية حلم وهم الاله  ص  144

وننقل هنا اشكال جون هيك حتى نناقشه ليتبين ان هذا البرهان هل فعلا عليه اشكال بحيث يكون متساويا مع ادلة نفي الاله اولا .

قال :مازال البرهان يعتمد على فهم لقانون السببية كان وما زال موضع تساؤل وما تبني الصيغة الجديدة للبرهان الا للاشارة الى ان شروط السببية قابلة للفهم ورغم صحة هذه الفرضية على اساس بعض النظريات عن طبيعة قانون السببية فانها غير صحيحة على قاعدة النظريات الاخرى مثلا اذا كانت ذات طابع احصائي كما يرى العلم الحديث او ان العلاقات السببية تمثل مجرد ملاحظات لحوادث متتالية كما يرى هيوم او اسقاطات لبنية العقل البشري كما يرى كانت فان برهان توما الاكويني محتوم بالفشل .

ماهو قانون السببية :انه قانون يقول كل شيء ممكن حتى يوجد لابد له من علة موجدة والا بقي في حيز العدم لانه لايقتضي الوجود لذاته بل يحتاج الى مرجح خارجي انه ببساطة يقول كل شيء لايخرج من العدم الى الوجود بنفسه بل يحتاج الى سبب يخرجه  الى الوجود اما الموجود الدائم الوجود فلا يحتاج ابدا فنظام السببية كل ممكن محتاج الى علة يشمل عالم الامكان فقط وهذا الامر ضروري عقلي يدركه كل عاقل بغض النظر عن ثقافته ودينه وجنسه ولونه لان مبدا السببية مبدا عام .

ولكن رغم ذلك وجد من يشكك بهذا المبدا ونحن نقول اولا التشكيك بهذا المبدا يعتمد عليه اذ الحجة التي تنفيه انما تقول هناك ترابط وسببية بين المقدمات والنتائج والا لم تكن حجة ملزمة وعلينا ان نناقش هذه الحجج التي اشار اليها جون هيك وهي ثلاثة نظرية العلم الحديث وهي ان العلية والسببية ذات طابع احصائي ,ونظرية ديفيد هيوم التي تقول ان السببية مجرد ملاحظات لحوادث متتالية ,ونظرية كانت التي تقول ان السببية هي مجرد اسقاطات لبنية العقل البشري .

ولنناقشها تباعا ,اما النظرية الاولى للعلم الحديث حول السببية فهي تقول ان السببية ليست واقعية وقبلية عن التجربة والاحصاء والحس بل هي بعدية وهو خلاف في نظرية المعرفة فالفلاسفة امثال ارسطو وابن سينا يقولون هي قضية بديهية بمعزل عن الحس وهي اساس كل معرفة وهي عقلية محضة بينما قال ديكارت بفطريتها وقبليتها ولكن العلم الحديث الذي ينكر المعرفة العقلية ويحصر المعرفة بالحس والتجربة يرفض اي فكرة قبلية بل جميع المعارف والعلوم الا مثل الرياضيات وفيها خلاف هي بعدية ومنها قانون السببية فالعقل حينما يلاحظ ويربط بين الاشياء وبعد التجربة يستنبط قانون السببية بين الاشياء .

ولكن هذا ليس صحيح ابدا بل قانون السببية هو قبلي وكلي نعم تطبيقاته في الخارج لاانه مستنبط من الخارج بعد الملاحظة والدليل هو ان الحس فقط يجمع الصغريات ثم يحتاج الى الحكم العقلي الكلي القائل كل مسبب يحتاج الى سبب ومن دون هذا الحكم الكلي الكبروي لما تم الوصول الى الاحكام والنظام واكتشاف الاسباب والمسببات لذا فالاحصاء والتجربة والتعاقب بين شيئين لايحكم بالسببية والضرورة بل فقط بالتعاقب والذي يحكم بضرورة وجود الحرارة بعد النار هو العقل اما الحس فيشاهد التعاقب فقط ولا يحكم نعم هو يمثل مقدمة للحكم اما الحكم العقلي بالضرورة والامتناع فهو قبلي ولايرتبط بالحس ابدا .

وهكذا تفسير الفيلسوف كانط عن قانون السببية حيث يراه هو اسقاط عقلي فقط وليس انها علية واقعية وهكذا ديفيد هيوم حيث قال بنظرية تداعي المعاني وقد رد فلاسفتنا على ذلك مفصلا وبينوا ان علاقة العلية والمعلولية انما هي علاقة واقعية خارجية حاكمة في نظام الوجود الكلي وهي ليست ذهنية فقط او ترتبط  باللغة والمعاني والذهن الانساني بل هي حقيقية بمعزل عن العقل سواء ادركها او لم يدركها فهي لها ما بازاء الخارج من خلال العلاقة بين العلة والمعلول وايضا العقل يدرك هذا الامر بفطرته ولايشك في ذلك لذا اهم سؤال عقلي هو السؤال عن السبب ومنه نشات الفلسفة والفكر ,اذن على هذا فبرهان العلة والمعلول والسببية ليس له علاقة بهذا الخلاف فهو برهان ضروري يسلم به كل ذو عقل وانكار السببية يؤدي بالتالي الى السفسطة.

تبين لنا ان قانون السببية هو قانون عقلي والسببية خارجية وليست ذهنية او احصائية تجريبية او من باب المعاني وبذلك يظهر ان البرهان العلي في اثبات الخالق برهان ضروري يدركه اي عقل وهذا ما اعتمدت عليه العقيدة في بساطتها من جهة وعموميتها من جهة اخرى .

ناتي الان الى اشكالاته على باقي البراهين التي تثبت واجب الوجود والتي منها برهان النظم الذي يعتمد على مقدمات منها حسية ومنها عقلية فالحس والمشاهدة والعلم الحديث يثبت التنظيم في العالم وان هناك غائية للوجود من وراء ذلك التنظيم البديع فلايمكن ان يكون هذا التنظيم عبثيا بل هو معلول لعلة عالمة شاعرة حكيمة اذ لكل نظام منظم وهذا حكم عقلي فطري اولي ولكن نجد ان جون هيك يقول ويشكل على برهان النظم وينقل الاشكالات ديفيد هيوم ويعتمد عليها بالتشكيك في حقانية هذا البرهان بالتالي تكون براهين اثبات الخالق متكافئة مع ادلة نفيه وها نحن نذكرها حتى نردها ان شاء الله

الاشكال الاول :ان الكون كيفما كان لابد ان يكون منظما ولو لم يستند الى منظم بل حتى لو جاء عبر نظريات اخرى مثل نظرية دارون في الانتخاب الطبيعي او نظرية ابيقورس حول تشكل الكون من عدد محدد من الجزئيات في حركة غير منتظمة وهي نظرية فيزائية قديمة , ويمكن ان يقول في تشكل الكون عبر نظرية الانفجار العظيم ,اذن الحياة الطبيعية والحيوانية والانسانية لاتحتاج الى منظم عالم قادر بل الى مثل الانتخاب الطبيعي ونظرية التطور ,والكون المنظم لايحتاج الى منظم بل الى نظرية فيزيائة تفسر الكون ونشاته بدلا عن الالهيات والكلام والفلسفة .

وهذا الموضوع شديد الاهمية ويدخل في مجال علاقة العلم والدين وهنا في هذا المجال نقول كيف يمكن اساسا فرض ان هذا النظام جاء عبر نظرية وفرضية علمية ظنية في قبال الحكم العقلي الفطري وكيف للانسان ان يصدق حتى لو امن بهاتين النظريتين ان يقول هذا العالم المتنوع المنظم من مجرات وحياة انسانية وطبيعية جاء عبر قانون غير شاعر وغير عالم اليس من الاليق ان نقول ان القانونين هما من ابداع الخالق وبهما لانه انما يعمل عبر نظام الاسباب والمسببات خلق الكون والحياة وهما سببان طبيعيان وهناك ورائهما سبب غير طبيعي عاقل عالم شاعر والابقيا غير مفسرين لانهما ايضا قوانين تحتاج الى علة وسبب ,فهنا نقول لو ثبتت هذه النظريات فلا تتقاطع مع التفسير الالهي فهل تطور الجنين الى انسان والنبتة الى شجرة يتنافى مع نظرية الخلق الالهي كيف ذلك والقران يشهد بالخلق ويشهد بالسببية ,لكن هذه نزعة مادية تقول ان اكتشاف السبب الطبيعي يغني عن السبب الالهي وان نشاة الدين انما جائت بسبب الجهل بالعلم الطبيعي وهي نزعة ساهمت بها الكنيسة والفكر الديني الكنسي الذي كان ينفي نظام الاسباب والمسببات

ومن رجع الى داروين مثلا نجده يؤمن بالله بحسب كتابه ويجعل التطور اية من اياته فلم يفهم هو انه تتنافى مع ادلة اثبات الخالق ولكن الكثير من الملحدين استغلوها وبرروا بها الالحاد مثل دوكنز في كتابه وهم الاله وهنا ننقل عبارة دارون من كتابه اصل الانواع ( ان اسمى هدف في هذا العالم الا هونشوء الحيوانات الراقية ليتحقق مباشرة من حرب الطبيعة من الجوع والموت ,ان هناك جمالا وجلالا في هذه النظرة عن الحياة في قواها العديدة التي نفخها الخالق لاول مرة في عدد قليل من الصور او صورة واحدة ) نهاية كتاب اصل الانواع

فدارون هنا يعترف بالجمال والجلال الالهي وهما صفات الجمال والجلال ويعترف بالخالق ونظرية النفخ الالهي والتي عبر عنها القران (نفخت فيه من روحي ).فهو مؤمن بالخالق وليس ملحدا لانه يفهم جيدا ان تفسيره يفسر الكيفية التي سار عليها الخلق لاسبب الخلق وعلته الاساسية هذا الخلط الذي جاء من بعده وجعل السبب الكيفي بدل السبب العلي , والعلم يفسر عالم الطبيعة اما علم الفلسفة والكلام فهو يفسر ماوراء الطبيعة عبر احكام العقل القطعية التي تقول ان لكل نظام منظم ,بل نحن نقول انه لو ثبتت هذه النظريات فسيكون الاحتياج الى السبب الغير طبيعي اكد واشد لانه يتوضح ان عملية الخلق عملية قانونية عميقة جدا وهذا يعكس علم المنظم وقدرته وانه لايمكن ان يكون للصدفة والمادة العمياء دورا في اصل الخلق ونشوء الانواع .

على انه تبقى هذه مجرد نظريات قد تتبدل والعلم يتطور ومهما اكتشف العلم من قوانين تتحكم بالوجود فهي ترشدنا الى مقنن القوانين والعلة الاولى وهي الله جل جلاله .

وان هذه النظريات تبطل نظريات اخرى تفسر نشوء الكون والحياة لا انها تنفي وجود الخالق (ان هذه النظرية على فرض صحتها انما تثبت وحدة اصل الانواع ,وانها قد نشات جميعا من خلية واحدة كانت تعيش في احدى البحيرات وبالتالي تبطل الاعتقاد القائل بخلق الانواع الكثيرة منذ البداية بنحو ثابت وغير متطور كما كان شائعا قبل داروين لا انها تبطل وجود الخالق فمحل النزاع بين النظريتين هو في كيفية الخلق هل ترجع انواع الموجودات الى اصل واحد متطور ,او الى اصول متعددة ثابتة ,لا في اصل وجود الخالق تعالى ,لكن هناك دائما من يصطاد بالماء العكر ) ايمن المصري نهاية حلم وهم الاله

ثم ان داروين نفسه يصرح باعتماده الطريقة العقلية في اثبات وجود الله اذ يقول كما جاء في نفس المصدر السابق ( وهناك طريقة اخرى تطمئن اليها نفسي في اثبات وجود الله ,هي الطريقة العقلية ,لا الطريقة العاطفية التي تخضع للشعور والاحاسيس ,وهذه تنشأ من صعوبة تصور العالم العظيم والبديع بما فيه الانسان ذو القدرة على النظر الى الزمان الماضي واستشراف المستقبل البعيد بل امتناع تصور انه كان نتيجة صدفة عمياء او ضرورة ما ,وعندما ينعكس هذا التصور في ذهني ,اجد نفسي مضطرا للنظر الى السبب الاول صاحب العقل الذكي بنحو مشابه الى حد ما لعقل الانسان وحينها استحق ان اسمي نفسي مؤمنا )

فكيف اذن يمكن جعل نظرية التطور سببا للتشكيك في برهان النظم وصاحبها لم يتوصل الى ذلك اليس هو الاولى به ؟مالكم كيف تحكمون ,ثم يقال بعد ذلك من قبل جون هيك ان ادلة الاثبات تساوي ادلة النفي .

الاشكال الثاني على برهان النظم :يقول ان تشبيه العالم بما يصنعه الانسان ضعيف جدا لان العالم ليس شبيها بالمصنوع الانساني بالتالي لانحكم بوجود صانع للكون لان المصنوع البشري له صانع .

وهذا اشكال ضعيف جدا وفي الحقيقة هذا الاشكال قائم على نظرية اننا لم نجرب الكون لانه غير قابل للتجربة بينما جربنا المصنوع البشري وقد اجاب المحقق جعفر سبحاني على هذا الاشكال اذ قال في كتاب مختصر الالهيات (ان برهان النظم ليس برهانا تجريبيا بان يكون الملاك فيه هو تعميم الحكم على اساس المشابهة والمماثلة الكاملة بين الاشياء المجربة وغير المجربة وليس ايضا هو من مقولة التمثيل الذي يكون الملاك فيه التشابه بين فردين , بل هو برهان عقلي يحكم العقل فيه بامر بعد ملاحظة نفس الشيء وماهيته ,وبعد سلسلة من المحاسبات العقلية من دون تمثيل او اسراء حكم , كما يتم في التمثيل والتجربة وكون احدى مقدمتيه حسية لايضر بكون البرهان عقليا , فان دور الحس فيه ينحصر في اثبات الموضوع  ,اي اثبات النظم في عالم الكون , واما الحكم والاستنتاج يرجع الى العقل ويبتني على محاسبات عقلية ) مختصر الالهيات .ص21

وهذا الاشكال بالحقيقة يعتمد على منهج محدد في نظرية المعرفة وهو القبول فقط بالمنهج التجريبي القائم على المماثلة والتشابه بين المجرب والغير مجرب ,لكننا نقول كيف يتم التعميم في القضايا التجريبية انما يتم عبر الحكم العقلي الذي يقول ان الاقلي لايعم وان الامثال فيما يجوز ولايجوز واحد فمن دون العقل تفقد التجربة خصائصها المعرفية ,وايضا وقع هذا الاشكال في اشتباه وتصور اننا نحكم من خلال  التشابه بين المصنوع الانساني والالهي ,بينما نحن نستند على حكم عقلي بضرورة وجود منظم لكل نظام .

الاشكال الثالث الذي ساقه جون هيك ضد برهان النظم واستند على اشكالات ديفيد هيوم ايضا وملخص الاشكال يقول اننا لانستطيع الاستدلال على وجود عالم خالق منظم خير حكيم من خلال واقعة واحدة بمعنى اننا قد نستدل على وجود العلة للمعلول لكننا لانستطيع اثبات صفاته التي تقول بها الاديان خصوصا مع وجود مشكلة الشر في العالم .

والجواب اولا :اننا نقول ان رسالة برهان النظم هي اثبات خالق للكون والانسان من خلال ملاحظة النظام البديع ,اما صفاته الجمالية والجلالية فهي مبحث مستقل له ادلة خاصة للاثبات .

ثانيا:نحن نقول يمكن من خلال برهان النظم اثبات الكثير من الصفات الالهية من خلال قاعدة تقول ان خصوصيات الاثر تحكي عن خصوصيات المؤثر فمن خلال النظام البديع ودقة الاحكام نستدل على صفات الخالق من علم وحكمة وقدرة وخير ,نعم تبقى قضية الشر التي يقال انها ضد برهان النظم لكن قد اجاب عنها الفلاسفة والمتكلمون واثبتوا عدمية ونسسبية وضرورية الشر الجزئي الذي بالاخير هو من لوازم هذا العالم التكويني ومن لوازم خلقة الانسان كموجود حر وقد اجبنا عن شبهة الشر في مقال منشور في موقع مركز الامام الصادق ع

ويبدو ان الذي يقول بالشر وانه ضد برهان النظم انما ينظر لجهة واحدة صغيرة ويتناسى هذا الكون الجميل المليء بالاسرار والجمال ,ويكفي للانسان ان يتطلع بعيونه ثم يحكم بعقله المستقل هل الكون جميل ام قبيح ,هل الشر الانساني من اصل الخلقة ام من اختيار الانسان وانحرافه عن مقتضيات العقل والفطرة والشرع؟

اذن هذه الاشكالات انما هي اشكالات ضعيفة تخالف العقل الانساني بالتالي يكون اثبات وجود الله ارجح وادل واكثر ضرورة عقلية من عدم وجوده اضافة الى فطرة الانسان واخلاقه ,فكيف بعدها يقال ان الادلة على الاثبات والادلة على عدم الاثبات متساوية من حيث المقدار العلمي ,بالتالي كما الايمان مبرر كذلك الالحاد .

لايمكن ان يتساوى الايمان بالله مع انكاره ويكونان في درجة واحدة ,على ان هذا منطقيا ايضا بعيد فالخالق اما موجودا او غير موجود اما ان يكون وجوده وعدم وجوده في مرتبة واحدة ان هذا الاجمع للنقيضين ,لذا نجد النصوص الدينية تتسامح مع الذنوب الا قضية الاشراك والكفر بالله (ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر دون ذلك لمن يشاء)ماذلك الا لان وحدة الخالق بينة واضحة من خلال دلائل الوحدة التي منها وجود الكون الواحد والنظام الواحد فكيف باصل اثبات وجوده التي عبر عنها بعدم الشك مطلقا (افي الله شك فاطر السموات والارض) فلايوجد شك عند كل انسان عاقل يرى السموات والارض والنظام البديع وقد ربط القران بين عدم جواز الشك فيه وبين خلقه للسموات والارض وما ذلك الا لانهما يشهدان بلسان الحال ويناديان الانسان عبر عقله (انما فطرنا الله الذي هو اكبر منا واكبر من كل شيء)

في النهاية يقال:

 ان مبدا التسامح هو معلول لرؤية جون هيك حيث مادامت  الادلة متكافئة فلما التعصب والتشدد ,ولكننا نقول كم من ديني متسامح وكم من لا ادري متعصب والتعصب مرض خطير ليس له علاقة بدين الانسان بل بتربيته ونشاته وثقافته ولايمكن التنازل عن الحقيقة لاجل التسامح فان الحقيقة الواضحة تتماشى مع التسامح الديني لان الدين الذي يقول ان البشر لهم رب واحد يجعل الانسان محبا للاخرين ويمكن اقامة مبدا التسامح على قاعدة الايمان وليس على قاعدة اللاادرية او الالحاد.

 

 

 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7