المعرفة الإلهية المبدأ والمنتهى
بقلم الشيخ عماد مچوت العلياوي
حيث كان الكلام في معرفته تعالى كان البحث عن المعرفة والعرفان منوطا برسم حد أدناها وأعلاها والمعرفة على نحو العموم هي : " إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، وهو أخص من العلم، ويضاده الإنكار، ويقال: فلان يعرف الله ولا يقال: يعلم الله متعديا إلى مفعول واحد، لما كان معرفة البشر لله هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته ، ويقال: الله يعلم كذا، ولا يقال: يعرف كذا ، لما كانت المعرفة تستعمل في العلم القاصر المتوصل به بتفكر ، وأصله من: عرفت. أي: أصبت عرفه. أي: رائحته، أو من أصبت عرفه. أي: خده، يقال عرفت كذا. قال تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا} [البقرة/89]، {فعرفهم وهم له منكرون} [يوسف/58]، {فلعرفتهم بسيماهم} [محمد/30]، {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} [البقرة/146].
ويضاد المعرفة الإنكار، والعلم الجهل. قال: {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} [النحل/83]، والعارف في تعارف قوم: هو المختص بمعرفة الله، ومعرفة ملكوته، وحسن معاملته تعالى " مفردات ألفاظ القرآن ج2ص86 .
ومن حيث كانت المعرفة نحو من الإصابة للشيء كإصابة الرائحة قيل لأهلها أهل الذوق والمعرفة .
ومن حيث كانت إدراك للشيء بتفكر وتدبر لأثره كانت معرفته تعالى موجبة لمشاهدته في كل شيء إذ أن جميع الأشياء أثاره قال تعالى : " وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " (البقرة :115) . فوجه ظاهر لا يغيب إذ أنه كما قال تعالى " هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " (الحديد : 3) .