• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

كيف عوض الحسن الزكي(ع)الفراغ المعنوي لفقدان امير المؤمنين(ع)؟ [قراءة في بيان نعي الحسن الزكي لابيه يوم شهادته ]

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1179
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
كيف عوض الحسن الزكي(ع)الفراغ المعنوي لفقدان امير المؤمنين(ع)؟  [قراءة في بيان نعي الحسن الزكي لابيه يوم شهادته ]

بقلم: نافع علوان الشاهين 

كانت ضربة ابن ملجم لرأس الامير حدث مدوي هز ارجاء الكوفة. وضواحيها والامصار الاسلامية المترامية الاطراف كون الضربة طالت عماد الدولة الاسلامية وخليفة الرسول وصهره وابن عمه والمجاهد بين يديه وكونها وقعت وقت الصيام وفي الاذان وداخل بيت الله الحرام .

وكون المباشر لها من فئة الخوارج التي مرقت عن الدين واصطنعت الفتن وتأمرت مع الروم ومدت خيوط التفاهم مع معاوية الخصم العنيد للامام علي(ع)

ودفع علي (ع)حياته ثمنا لتلك الضربة وكان ختام حياته قوله :فزت ورب الكعبة. 

فترقب الناس في الكوفة وخارجها ماذا يصنع الحسن السبط و؟هو المفجوع بخليفة الرسول وقاتل ابيه بين يديه ويده تقطر دماً من دم علي الطاهر .

فتوجهت الانظار صوب بيت علي وانحبست الانفاس بعد ان عاد ال علي ليلاً من دفن الامير في مشهد كئيب لم يحضره الا الحسنان وابن الحنفية. والصفوة من الموالين. 

فغص المسجد صباحا بالناس وقد علاهم الحزن وتوشحت الكوفة بالسواد والعيون متجهة صوب الحسن بن علي ماذا يفعل؟ وماذا يقول ؟

ولنترك الكاتب هاشم معروف الحسني يروي لنا ماحدث في ذاك اليوم كما اورده بشئ من التفصيل في كتابه (سيرة الائمة الاثنا عشر-ص٢٨٢-٢٨٣ )فيقول: 

وبعد الفراغ من امره-اي قتلته ابن ملجم-اتجه الى الامام الحسن في صبيحة ذلك اليوم حشد كبير من اهل الكوفة غص بهم الجامع على سعته فوقف خطيباً حيث كان يقف امير المؤمنين وحوله من بقي من وجوه المهاجرين والانصار فابتدأ خطابه فقال :

بعد ان حمد الله وصلى على محمد واله لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل ولا يدركه الاخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله فيفديه بنفسه واينما وجهه رسول الله كان جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله عليه ولقد توفي الليلة التي عرج فيها عيسى بن مريم الى السماء وقبض فيها يوشع بن نون وصي موسى وماخلف خضراء ولا بيضاء سوى سبعمائة درهم فضلت من عطائه. 

فاستعبر باكياً وبكى الناس من حوله حتى ارتفعت الاصوات بالبكاء والنحيب من جميع انحاء الكوفة وعاد الى حديثه بعد ان استنصت الناس وقال: 

ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا الحسن بن علي وانا بن النبي والوصي وانا ابن البشير النذير والداعي الى الله باذنه وانا ابن السراج المنير وانا من اهل بيت كان جبرائيل ينزل الينا ويصعد من عندنا وانا من اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وافترض مودتهم على كل مسلم فقال قل لا اسئلكم عليه اجراً الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له منها حسناً فاقتراف الحسنة مودتنا اهل البيت.  

والمتأمل في النص التأريخي اعلاه يستطيع ان يستخرج عدة مواقف قام بها الحسن الزكي في اليوم الاول من شهادة امير المؤمنين منها: 

١-سعيه للقصاص من قاتل ابيه عبد الرحمن ملجم وتقديم الامر على كل الاعتبارات الاخرى (ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب)باستثناء مراسيم الدفن فهي واجبة على اية حال. 

٢-صعوده المنبر وفي نفس المكان الذي كان يجلس ويخطب فيه ابيه وهي دلاله ورمزية واضحة لكل ذي لب بانني فرع تلكم الشجرة المثمرة وغصنها الاصيل.

٣-تذكيرة بسابقة ابيه وجهاده وانه ردء الرسول وكهفه الحصين وهي مناقب   نازعه عليها القوم  .

٤-الاشارة لنزاهة القائد وعفة يده وقلة خزينته وهي صفة تفضح كل طالب للدنيا ومتحمس للكراسي وزاحف للمنلصب. 

٥-بكائه واطلاق العنان لعواطفه ليبكي بحرقة  مع اتباعه كهفهم وحصنهم وقائدهم. 

 فليس عيباً ان يبكي القادة بل ذلك من صفات كمالهم كما اطلق الرسول لمشاعره ولواعجه العنان يوم وقف على حمزة بن عبد المطلب. 

٦-الاشارة للناس ان ينصتوا فليس صحيحاً ان يبدأ القائد مشروعه وسط ضجيج العواطف وفورة الاحزان فاراد باسكاتهم ان ينتبهوا لكلام مهم وهو ما يتبين في النقطة ادناه. 

٧-كان خاتمة بيان نعيه المقتضب لابيه الاشارة لنفسة وانه ابن الاكابر وابن الاطايب وابن مكة وربيب الرسول وفرع علي ومن بيت حفتهم الملائكة وغذتهم يد الله ليقطع الطريق امام كل طامح بالسلطة من الطلقاء وابناء الطلقاء.

وهكذا يجدر بكل صاحب مشروع رسالي وفكر اصلاحي ان لاتجمد عروقه وتخمد جذوته فور غياب المصلح والقائد لموت او لسفر او لهجرة او انقلاب على الاعقاب والعياذ بالله بل ينبغي من اصحاب المشاريع الالهيه ان لايفت في عضدهم غياب القائد والموجه وان يتكيفوا مع الوضع الجديد ويوجدوا فرصاً اكثر للهداية وباليات متنوعه لاتكون دوما باستنساخ تجارب السلف مع  الحفاظ على مقامهم المقدس الشامخ. 

وهكذا بذر الحسن بن علي بذرته واينعت ونمت واختط له اليات جديدة بالعمل ليست بالضروره ان تشابه افعال ابيه فعمد لتغير بعض ولاة ابيه واحدث تكتيكات عسكرية في معسكرة وغير من ادواته الاجتماعية والسياسية. 

 فتجربة الحسن الزكي في الخلافة وهي وفق المصادر تتراوح من شهرين الى ستة لشهر بحاجة لمزيد من التحقيق والتدقيق والتحليل .

Powered by Vivvo CMS v4.7