نكتة عقائدية من دعاء كميل الجحود والعناد

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2834
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
نكتة عقائدية من دعاء كميل  الجحود والعناد

بقلم : الشيخ حكيم الخُزاعي

 ورد في  دعاء كميل رض

فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك وقضيت به من إخلاد معانديك لجعلت النار كلَّها برداً وسلاماً وما كان لأحد فيها مقراً ولا مقاماً

معنى الجحود

قال الراغب الأصفهاني في المفردات هو نفي ما في القلب إثباته وإثبات مافي القلب نفيه ( وجحدوها واستيقنتها أنفسهم  )

أما العناد فهو :كما في دستور العلماء (العناد رد الحق مع العلم بأنه حق) فالجحود والعناد لهما معنى واحد وهو رفض الحق مع العلم به ولعل الجحود بحسب تعريف الراغب الأصفهاني يشمل أيضا إثبات الباطل وفي القلب نفيه وليس فقط رد الحق بينما يبدو من تعريف العناد هو رفض الحق وعناده وعدم قبوله

إذن الجاحد والمعاند ليس عندهما مشكلة في التصور والفهم والعلم بل القضية ترتبط بالنفس وهذا بالحقيقة مرض أخلاقي يعود إلى أمراض النفس الإنسانية ويرتبط بالكبر وعدم التواضع والخضوع للحق وليس مرضا يعود إلى العقل فقط كالجاهل البسيط أو الشكاك ، لذا هو أخطر مرحلة يصل إليها الإنسان ، ولذا خصه الدعاء بالعذاب بل بالخلود في نار جهنم ، وهذا مطلب عقائدي قرره الدعاء بأسلوب رائع حيث اتفق أهل العدلية ان الخلود في نار جهنم مختص بأهل الجحود والعناد وليس للقاصر أو الجاهل دون إنكار

وقد ورد هذا المعنى في روايات أهل البيت عليهم السلام ( وقال الباقر (ع): " لا ينفع مع الشك والجحود عمل ". كما روي أن أبا بصير سأل الصادق (ع) ما تقول فيمن شك في الله تعالى؟ قال: " كافر "، قال: فشك في رسول الله (ص)؟ قال " كافر "، ثم التفت إلى زرارة فقال: " انما يكفر إذا جحد "

فالامام لم يكفر الشاك بل استدرك فقال إنما يكفر اذا جحد ، أي أنه انتقل من مرحلة الشك المجرد الطبيعي الذي ينبغي أن يتعقبه البحث العملي ، إلى الرفض والقرار وإنكار الله مباشرة بمجرد الشك وهذا هو الجحود أيضا .

علاج الجحود والعناد

 

اولاً: العلاج  العقلي :فعليه أن يطالع العقائد والمنطق وان يفكر ويتأمل ويعرف أن الحق موجود ولابد من الوصول إليه عبر البراهين العقيلة ولا يمكن أن تخفي الحقيقة أو يمكن طمسها من خلال إنكارها بل ستبقى تؤرقه وتؤنب ضميره

قال الشيخ النراقي في جامع السعادات : ثم علاجه أن يتذكر أولا قضية بديهية، هي: أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، ومنه يعلم اجمالا أن أحد الشقوق العقلية المتصورة في المطلوب ثابت في الواقع ونفس الأمر والبواقي باطلة، ثم يتصفح المقدمات المناسبة للمطلوب ويعرضها على الأقيسة المنطقية باستقصاء بليغ واحتياط تام في كل طرف، حتى يقف على موضع الخطأ ويجزم بحقية أحد الشقوق وبطلان الآخر. والغرض من وضع المنطق (لا) سيما مباحث القياسات السوفسطائية المشتملة على المغالطات ازالة هذا المرض.

ثانياً: العلاج الروحي :وهو أن يتوكل على الله ويواظب على العبادة وان يحاسب نفسه وأن يجالس الصالحين ويسمع موعظة الواعظين

قال الشيخ النراقي في هذا المجال : بعد أن ذكر الحل العقلي ،  ولو كان ممن لا يقدر على ذلك، العلاج في حقه أن يواظب على العبادة وقراءة القرآن، ويشتغل بمطالعة الأحاديث وسماعها من أهلها، ويجالس الصلحاء والمتقين وأصحاب الورع وأهل اليقين، لتكتسب نفسه بذلك نورانية يدفع بها ظلمة شكه.

وأخيرا على الإنسان أن يعرف أن اليقين الذي يسبقه الشك نعم المرسى الذي يرسو إليه ولكن أن يعيش للشك فإنه بئس المستقر الذي بغض النظر عن العذاب ستكون حياته غير مستقرة ولا مطمئنة قال تعالى  ( إلا بذكر الله تطمئن القلوب )، وأن يعرف أن التصديق مباشرة بلا دليل والجحود مباشرة بلا دليل أيضا إنما هو خروج عن الفطرة الإنسانية

والحمد لله رب العالمين

 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7