التشدد الفكري الاعتزالي ..... الحلقة الاولى
بقلم: الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي
يقال عن المعتزلة ان من أهم أسباب انقراضهم وزوال فكرهم هو العامل السياسي ، حيث دعمت الخلافة الفكر الأشعري والحنبلي بعدما دعم المأمون الفكر المعتزلي .
ولكن يبدو هناك أمر آخر الا وهو التشدد الفكري فالعدل المفرط الذي هو نتاج العقل المفرط قد يكون سببا آخرا لاضمحلال هذا الفكر على قاعدة ( فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) .
ولنبين ذلك عبر فكرة طرحها الفكر الاعتزالي وهي فكرة الإحباط والتكفير وهناك مبدأ آخر يسمى (الموازنة) وقبل ذلك نقدم أيضا قضية اختلف فيها الفكر الكلامي كثيرا ، وهي فكرة الوعد والوعيد وقد انقسمت الفرق إلى ثلاثة آراء رئيسية وهناك تفاصيل .
الرأي الأول :رأي الأشاعرة حيث قالوا لايجب الوعد والوعيد اي الثواب والعقاب على الله ، بل هو يفعل مايشاء ، حسب قاعدة التحسين والتقبيح الشرعيين ، فالعقل غير مستقل في الإدراك لذا يمكن أن يثيب الله العاصي ويمكن ان يعاقب المحسن
الرأي الثاني : رأي أعلام المعتزلة كابي علي الجبائي وأبي هاشم ، حيث ذهبوا إلى وجوب ذلك بحكم العقل ، أي يجب أن يثيب ويجب أن يعاقب ، ولايمكن له ترك ذلك ، لأنه خلاف العدل الذي يحكم به العقل المستقل
الرأي الثالث :رأي الأمامية الذين أيضا قالوا بحسن العدل وقبح الظلم فهم عدلية لكنهم فصلوا فقالوا ان من جهة الوعد بالثواب يجب على الله ذلك لأن تركه قبيح والقبيح عقلا منتفي عنه ، أما الوعيد فإنه جائز لاواجب وينبغي ملاحظة كل مورد خاص ، فإذا كان حق الله فهو يمكن أن يتنازل عنه برحمته الواسعة ، وإذا كان حق العباد يمكن أيضا عبر الشفاعة والرضا رضا الإنسان عن أخيه الإنسان أن يسقط ، أما إذا كان لايمكن ذلك فهنا جائز على الله العقاب لأن ترك ذلك هو ترك لحق من حقوق العباد والاصح هنا نقول قد يجب .
نأتي الآن إلى فكرة تشدد المعتزلة في فكرة الإحباط والتكفير والموازنة ، ونعتقد ان تشددهم في ذلك جعل مذهبهم صعب التقبل وغير قريب من رحمة الله وسماحة الدين الإسلامي خصوصا في مسألة ترتبط باالمعاد ومصير الإنسان بعد الموت ، لذا ساهمت هذه الآراء العقلية الصرفة في انكماشهم وزوال فكرهم وان هو بقي في الكتب وعلم الكلام لكن لم يبق مذهبا رسميا
وهذا ما يأتي في المنشور اللاحق .
يتبع