زمن التكليف العقائد وتوصيات الى الآباء

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1902
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
زمن التكليف العقائد وتوصيات الى الآباء

 

بقلم الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي 

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين 

 

من المباحث المهمة والتي ليس لها بسط في الكتب الكلامية هو مسألة زمن التكليف في العقيدة مع ان الكتب الفقهية بينت زمن التكليف في الفروع نعم نجد ان الشهيد الثاني قدس في كتابه حقيقة الإيمان يبسط الكلام في المسألة ناقلا لنا اقوالا في ذلك مما يعني اهتمام العلماء في المسألة منذ وقت قديم ونحن بدورنا سننقل الأقوال في ذلك 

القول الأول : قول المتكلمين حيث حددوا وقت التكليف بالمعرفة والتمكن من العلم بالمسائل الأصولية ، إذ التكليف شرط القدرة فإذا لم يكن قادرا على التكليف يسقط إذ يقبح التكليف بغير المقدور سواء كان فرعا يقتضي العمل أم اصلا يقتضي النظر ، وهذا ليس له زمن محدد بل يختلف باختلاف الناس فربما طفل صغير يدرك هذه الحقائق ولو على نحو مبسط وقد قالوا ليس شرط الإيمان الدليل المعقد المعمق بل يكفي الضروري المبسط ، بل قد يكون طفلا صغيرا له طفرة وقدرة على المعمق كما نرى الكثير من الأطفال يفهمون الرياضيات والفيزياء وغيرهما ، وهذا لا يتوقف على زمن التكليف الشرعي في الفرعيات فقد يسبقه بزمن طويل نسبيا ، وهنا سينفصل التكليفان اي التكليف في العمل عن التكليف في النظر وهذا إنما يقع في من قال إن الإيمان ليس الا نظر وعقد قلب فقط وليس للعمل دخالة أو جزئية فيه. 

اما من قال إن الإيمان هو عقد القلب زائداً العمل اي ان العمل جزء أساسي من العقائد كما نقل ذلك عن الخوارج وبعض المعتزلة فإنه لا يتجه ، هذا هو القول الأول المعروف المشهور عند المتكلمين.

 

القول الثاني :وهو قول بعض الفقهاء من الشيعة كما نقل ذلك الشهيد الثاني في رسالته حقيقة الإيمان ، حيث قالوا ان زمن التكليف في العقائد نفسه زمن التكليف في بالأعمال الشرعية إلا ان تحصيل المعرفة بعد البلوغ والعقل أسبق من العمل ، لأن من الواضح ان لا عمل من دون الاعتقاد والمعرفة إذ لا توجه إلى الله دون معرفته وهذا ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام؛  (اول الدين معرفته ) .

وقد أشكل الشهيد الثاني على ذلك بانه المعروف فقيها ان زمن تكليف النساء قبل الرجال وبذلك تكون المرأة عقليا أكمل من للرجل وهذا لا يصح .

 

إضافة إلى ان المساواة بين النظر والعمل يشبه القول: أن شرط العمل نفسه شرط النظر مع ان شرط العمل القدرة الجسدية مع العقلية بينما شرط الإيمان القدرة العقلية ، والإنسان يستطيع معرفة الله قبل أن يصل إلى زمن التكليف الشرعي الفقهي وهذا معروف عند الصبيان المميزين. 

القول الثالث :وقد نُسب إلى الشيخ الطوسي قدس وهو ان زمن التكليف من بلغ عشرا عاقلا والظاهر انه قد أخذ بالروايات التي تقول ان التكليف محدد شرعا ويشمل التكليف الشرعي والعقائدي من هنا أشكل عليه الشهيد الثاني قدس بقوله (هذا لا يوافق ماهو  الحق من أن معرفة الله تعالى واجبة عقلا لا سمعا لانا لو قلنا :ان المعرفة لا تجب إلا بعد تحقق البلوغ الشرعي الذي هو مناط وجوب العبادات الشرعية لكنا قد اوجبنا المعرفة بالشرع لا بالعقل ، لأن البلوغ المذكور إنما علم من الشرع وليس في العقل ما يدل على أن وجوب المعرفة إنما يكون عند البلوغ المذكور فلو وجبت عنده لكان الوجوب معلوما من الشرع لا من العقل ). 

وهنا يشير الشهيد الثاني قدس إلى قضية أخرى وهي هل ان المعرفة لله واجبة شرعا أم عقلا ؟

فقد قالت الأشاعرة بالأول والعدلية بالثاني بعد اتفاقهم على الوجوب ، والسبب هو اختلافهم في قضية أخرى تعود اليها هذه الخلافات الفرعية وهي قضية (التحسين والتقبيح العقليين ).

ثم انه بحث قضية هل العقل يقدر على معرفة زمن وجوب العقائد أم ان الشرع من يحدد ذلك عبر الأحاديث فقط ؟ 

ثم يتوصل إلى ان العقل كما يدرك الوجوب يدرك زمنه بالضرورة لذلك يقول ( والحاصل انه لايمكن العلم بوجوبها اي المعرفة إلا بعد العلم بوقت وجوبها ). 

ثم يوضح الأمر بقوله قدس : أن العبد متى لاحظ هذه النعم عليه ، وعلم ان هناك منعما أنعم بها عليه أوجب على نفسه شكره عليها في ذلك الوقت ، خوفا من أن يسلبه إياها لو لم يشكره ، وحيث انه لم يعرفه بعد يوجب على نفسه النظر في معرفته في ذلك الوقت ليمكنه شكره فقد علم أنه يلزم من وجوب المعرفة بالعقل معرفة وقتها أيضا .

وهو هنا يتبنى رأي مشهور المتكلمين من كون التكليف في وقت التمكن من المعرفة وهذا مبني على كونه عقليا وليس سمعيا بناء على وجوب شكر المنعم ودفع الضرر المحتمل وهو أمر يمكن أن يدركه العقل الإنساني ببساطة قبل زمن التكليف في الفروع وهو الصحيح. 

ويترتب على ذلك أمور نشير اليها بإختصار :

 

أولا :ان زمن التكليف تبين انه قبل التكليف في الفروع غالبا لذلك على الآباء أن يلتفتوا إلى الأمر في شرح العقائد الى ابنائهم قبل ان يسبقهم غيرهم لأنهم يريدون الأدلة بالفطرة فإذا لم يجدوا لأسئلتهم جوابا تلقفوا من غيرهم .

ثانيا: ان التربية العقائدية ينبغي أن تسبق التربية الفقهية وغيرها وهذا لا نجده بكثرة مع الأسف بل نجد أكثر شي دورات الفقه للصبيان. 

ثالثا :ينبغي أن يبين هذا الأمر في الكتب والرسائل العملية حتى يتوضح عند الناس جليا .

هذا ما اردناه مختصرا والا الكلام طويل جدا

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

Powered by Vivvo CMS v4.7