القواعد العقلية لامامة أهل البيت عليهم السلام

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2535
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
القواعد العقلية لامامة أهل البيت عليهم السلام

 

✍️بقلم: الشيخ عبد حكيم الخُزاعي

 

• ولاية أهل البيت عليهم من المواضيع الحساسة التي شغلت الامة منذ رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى اليوم ولا شك سيستمر النقاش حولها استمرار هذا الدين الذي يعتبر أهل البيت عليهم السلام بحسب وجهة نظر شطر من الأمة هم الممثلون الحقيقيون للرسالة الخاتمة ولجدهم الرسول صلى الله عليه وآله بحسب الأخبار الواردة عنه صلى الله عليه وآله وبحسب فهمهم للمباني القرآنية فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا )1فالنبي صلى الله عليه وآله نادى بالتمسك بهما لا باحدهما فقط ، والقرآن الكريم يقول ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )

إذن بحسب معطيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تمسك الشيعة الإمامية بأهل البيت عليهم السلام لكن دون تكفير للآخر بل هو مسلم له ماللمسلمين وعليه ما عليهم.

• هذا بسحب معطيات الكتاب والسنة اللذان هما مصدر لكل مسلم بالتالي لايحق لإنسان ما أن يكفر أو يبدع من يكون القرآن هاديه والسنة رائدته ، ولكن الشيعة الإمامية بما يمتلكون من علماء هم امتداد لأهل البيت عليهم السلام الذين اكدوا على دور العقل في المنظومة التشريعية والدينية بصورة عامة فقد ورد عن الامام الكاظم عليه السلام في جوابه لابن السكيت عن الحجة فقال لله حجتان حجة ظاهرة وحجة باطنة أما الظاهرة فالرسل والأنبياء وأما الباطنة فالعقل ، لذلك كان للعقل دور أساسي في بلورة الفكر الأمامي خصوصا هم قائلون بحجيته في الدليل الكلامي والفقهي كدليل مستقل أو غير مستقل بحسب معطيات المسألة ، وهم أيضا من العدلية القائلون بالتحسين والتقبيح العقليين.

• لذا اسسوا مباني عقلية تدلل على فكرة الإمامة حتى تكون مسألة عقلية وفكرية يدركها العقل كما أدرك ضرورة النبوة عقلا بحسب قواعد الفكر العدلي وسنبين هذه القواعد العقلية ان شاء الله تعالى

وقبل ذلك نقول لقد تناول الفكر الأمامي الإمامة من عدة جهات وعبر عدة مناهج

1. فيوجد لدينا المنهج الاخباري

2. والمنهج الكلامي الذي يمازج بين العقل والنقل

3. ويوجد المنهج الفلسفي الخالص القائم على ضرورة المدينة الفاضلة وقيام انسان كامل عقلا عليها

4. ويوجد المنهج العرفاني القائم على فكرة الإنسان الكامل وان الإمامة ضرورة وجودية للعوالم أجمع وليس للنظام الاجتماعي كما في أدلة علم الكلام.

ونحن نتحدث عن المنهج الكلامي الرسمي المتبع ان شاء الله تعالى.

القواعد العقلية للامامة :

ذكر علماء الكلام من الشيعة الإمامية عدة أدلة على أصل الإمامة ومادام هي لديهم أصل من أصول الدين بالتالي لابد من التدليل عليها عقلا ، إذ كل أصل مستقل من أصول الدين يدركه العقل الفطري المستقل مثل أصل التوحيد والنبوة والمعاد ، لذلك أنطقلوا من هذه الفكرة وان دللوا عليها في فكرة العدل الإلهي في مبحث التحسين والتقبيح العقليين ، حيث ذكروا أن للعقل قدرة في إدراك ذلك وان وجوب النظر والمعرفة وجوب عقلي بحسب شكر المنعم ودفع الضرر ، فإذا تقرر وجود الله انبثق عنه وجود اللطف الإلهي الذي يعني وجود النبوة وبنفس ملاك اللطف الإلهي تستمر الإمامة وفق قاعدة الهداية (لكل قوم هاد ) وهذا الذي عبر عنها الحديث الشريف )لاتخلو الأرض من حجة لله ) .

ولابد من الإشارة أن المقصود هنا هو إدراك فكرة أصل الإمامة (الإمامة العامة )وليس تعيين شخص الإمام فهذا أمر لن يستكشفه العقل المجرد فهو بل هو أمر تابع للنص لذا مقولة الإمامة بالنص في قبال نظرية الشورى إنما هي تعيين شخص الإمام فنحتاج إلى تعيينه بالنص من قبل السماء كما أن العقل يدرك أصل النبوة ثم تدلل السماء عليه عبر المعجزة.

الأدلة العقلية الكلامية

• الدليل الأول :قائم على مقدمات

1. الإمامة لطف

2. اللطف واجب على الله

3. النتيجة الإمامة واجبة على الله

اما كون الإمامة لطف فإنه من المقرر عقلا وعقلائيا ان المجتمع الإنساني يكون أقرب للحياة الإنسانية المستقرة مع وجود الإمام حيث يقيم فيهم أمور المعاد والمعاش ، ومتى خلو منه عم فيهم الفساد الفكري والاجتماعي.

أما كون اللطف واجب على الله تعالى فإن الله له غاية من الخلق عبر عنها القرآن الكريم (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فإذا كانت له غايات فإنها لن تتحقق من دون حافظ لهذه الغايات مبين لها مطبق لها تقتدي به البشرية كقدوة واسوة ، فإذا لم ينص امام ضاعت غاياته ، فهذا كمن أقام وليمة لكنه لايرسل دعوة إلى الناس فإنه يكون قد ضيع غاياته.

واللطف معناه تقريب العبد من الطاعة وابعاده عن المعصية وهو اما مقرب أو محصل للتكليف ، فالامامة لطف واللطف واجب على الله عقلا اي العقل يحلل هنا القضية تحليلية لا تركيبية فالعقل لا يعطي التكليف لله بل يستكشف الفعل الإلهي فالعقل اذا رأى الله كونه عين الكمال وله غاية في خلقه بحسب حكمته وعدله وقاس الغاية مع وجود الإمام يدرك ذلك مباشرة بأن الله بعدله وحكمته وحبه للإنسان يفعل ذلك.

• الدليل الثاني :

وجوب حفظ الشريعة

وهذا متكون من مقدمات

1. الدين الإسلامي هو خاتم الأديان السماوية

2. وحفظه واجب حتى يستمر إلى يوم القيامة

3. حفظها يكون اما بالتواتر أو بخبر الواحد أو بالقياس أو الإجماع أو بالإمامة بعد النبي صلى الله عليه وآله

4. فإذا ابطلنا الأقسام الأخرى غير الإمامة تبقى هي الواجبة فقط .

أما حفظه بالتواتر فهذه فكرة واضحة البطلان في السنة النبوية ولابد إذن نكتفي فقط بالقرآن الكريم (حسبنا كتاب الله )لأنه هو الذي حفظه التواتر وبقيت السنة غير متواترة بل منقولة بخبر تم تقسيمه بعد ذلك إلى أقسام في علم الحديث فلم يتم حفظ الشريعة بالتواتر .

اما حفظها بخبر الواحد بعد النبي صلى الله عليه وآله مع وجود الإمام الذي يرتبط بالرسول منصوص عليه فهو تقديم للظن على العلم والخبر الواحد فيه إشكالات كثيرة جدا بحيث عبر الشيخ ابن إدريس الحلي في مقدمة كتابه السرائر (وهل ذبح الإسلام إلا بالخبر الواحد ).

اما حفظه بالقياس أو الإجماع فواضح فالقياس غير منصوص العلة باطل في أصول ألفقه وبحسب تعبير الإمام (ان الشريعة اذا قسيت محقت ) وان اول من قاس الشيطان ، اما الإجماع فايضا فيه كلام طويل اي إجماع هذا واين هو وهل تحقق وهل هو حجة مع عدم دخول المعصوم فيه فلم يجمع على قضية ما .

3فلم تتبق إلا الإمامة هي من تحفظ الشريعة من الضياع.

• الدليل الثالث والذي قرره السيد محمد باقر الصدر في بحثه عن الإمامة ويمكن تلخيص ذلك عبر نقاط

• كانت ثلاثة خيارات أمام النبي ص بعد رحيله

• أولا :أن يعلم المسلمين الشورى والديمقراطية حتى يحكموا أنفسهم بأنفسهم من بعده ، ولكننا نتسائل أين هذه التربية ، وأين الأعداد لذلك على مستوى الثقافة وعلى مستوى الممارسة ، فالقرآن يؤكد على مبدأ الطاعة والنبي مارس ذلك في أمته ، نعم هناك نصوص تتحدث عن الشورى ولكن بحسب السياق كانت كطريقة حياة فردية واجتماعية وليست طريقة حكم.

• ثانيا: أن يترك الأمة بلا تخطيط ولا يتدخل في مستقبلها ومصيرها ،وهذا ترفضه نفس فكرة النبوة حيث قيادة الناس وتربيتهم وبيان طريقة الحياة خصوصا في ما يتعلق بأصل وجودهم ولاشك أن تعيين قيادة من بعد النبي ص أمر مهم جدا لانتصور أن شخصية عظيمة اجتماعية سياسية مثل النبي تترك الأمة هكذا ، كيف وهي تحذر من الفتن وجعلت جيشا تحت إمرة أسامة وقالت ابعثوا جيش أسامة لأنه الجيش الذي سيحمي الدولة الفتية من الخطر الخارجي ، فترك الأمة بلا قائد ودون تخطيط أمر غير منطقي بحسب وظيفة النبي ص وبحسب منطق نفس الأحداث

• ثالثا :أن يربي القيادة قبل ذلك ثم يتم التعيين لا( الترشيح )كما ذهب الى ذلك العقاد ولقدمارس هذا الأمر جليا مع الإمام علي ، منذ الصغر ثم طبق ذلك عمليا في أكثر من مناسبة وآخرها كشأن عام هي (بيعة الغدير)

وهناك أدلة عقلية أخرى على إمامة أهل البيت عليهم السلام مسطورة في كتب الكلام مثل كتاب الالفين للحلي رحمه الله تعالى نكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين

 

 

 

 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7