الإحتفال بولادات أهل البيت عليهم السلام ... أحكام وآدابالإحتفال بولادات أهل البيت عليهم السلام ... أحكام وآداب
بقلم: الشيخ ميثم الفريجي
الإحتفال والفرح والسرور بمناسبات أهل البيت (عليهم السلام ) وولاداتهم يعني تقديم فروض الحب والطاعة والولاء، وإظهار مزيد من التأكيد بالانتساب إليهم والكون تحت لوائهم وقيادتهم
وقد تعدّدت المناشيء لمثل هذه الإحتفالات، فقد جاء بعضها متماشياً مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها حيث خلق الله تعالى الإنسان مجبولاً على التأثّر بمحيطه ومجتمعه وبيئته، فيتفاعل مع من يحب وينجذب إليه، فيفرح لفرحه ويسر لسروره وتنعكس هذه المشاعر على وجوده تلقائيا ومن دون تكلّف أو إصطناع .
وهكذا كان الإحتفال بمناسبات و ولادات النبي (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته (عليهم السلام)، فهو إنعكاس لهذه الفطرة السليمة.
مضافاً إلى ما أشارت إليه الأدلة الشرعية كتاباً وسنة من الحث والتأكيد على هذا المعنى
كما جاء في قوله تعالى: (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) الشورى : 23
حيث ورد في الروايات الشريفة حينما سأل الأصحاب من قرباك يا رسول الله ؟ ، قال (صلى الله عليه وآله) : (علي وفاطمة والحسنان ....)
وقوله تعالى :( قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) يونس : 58
فقد روى بن عباس (رض): بفضل الله وبرحمته... ،بفضل الله؛ النبي (صلى الله عليه وآله) ، وبرحمته؛ علي (عليه السلام)
وجاء في الرواية : (شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا) .
ويتضح بذلك أنّ الإحتفال والفرح بمناسبات النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم متماشية مع فطرة وسجية الناس، مضافاً إلى ما دلّ من الشرع على الحث والتأكيد عليها لما يمثله ذلك من حالة حب وإتّباع وولاء
أمّا كيفية ومصاديق هذه الإحتفالات، فهي متنوعة ومتعدّدة ومختلفة بإختلاف الزمان والمكان والأعراف وما يهمّنا منها :
الأول: الإحتفال المادي بإظهار معالم الزينة والإبتهاج والسرور ، والإجتماع في الأماكن المتعددة، ورفع الشعارات وإنشاء المواليد والاشعار ... ونحو ذلك
وينبغي خلوها من المحرمات وعدم تفويتها للواجبات، وليس كما ينقل من مخالطتها بالتغنّي والموسيقى المحرمة أو مزاحمتها وربما تفويتها لأوقات الصلاة، فإنَّ ذلك يفسد ولا يصلح ، ويبعّد عن الله ولا يقرّب ويسيء لصاحب الذكرى .
الثاني: الإحتفال المعنوي؛ وأعني به ذلك الإحتفال الواعي الهادف الذي يشترك المؤمن المحتفل فيه مع الشخصية السامية لصاحب الذكرى ويهدف إلى ما كان يهدفه من كمال وطاعة لله تعالى ، فيكون مراعياً لسيرة حياته المباركة
فمثلا نحن اليوم نعيش أجواء ولادة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)
فإذا أردنا أنْ نحتفل بهذه المناسبة إحتفالا واعيا هادفا فعلينا أنْ نعيش أجواء وحياة صاحب الذكرى لنراجع سيرته العطرة كيف كان مع ربّه ومع قرآنه ومع رعيته وخاصته، بل مع عامة الناس فنتخذه قدوة وأسوة لنا في حياتنا، ونراجع كلماته ووصاياه وخطبه الشريفة وهي كثيرة ومتنوعة فتكون منهج حياة لكلّ مؤمن
هذا هو الإحتفال الواعي الذي ينبغي أنْ نهدفه ونقوم به
ومن هنا : ندعو المؤمنين جميعا أنْ ينوّعوا في إحتفالاتهم وأفراحهم، ولا يقفوا على حد الإحتفال المادي - على أهميته وضرورته - وإنّما يركزوا على الإحتفالات المعنوية الواعية التي تنير طريق الأمة وتُحييها من جديد لأنها تستلهم أخلاقها وآدابها وتكليفها من الشخصية السامية لصاحب الذكرى وحياته العملية التي سخّرها لله تبارك وتعالى وخدمة لدينه الحنيف ورعاية للناس جميعا .