الإسم الأعظم

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1289
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الإسم الأعظم

بقلم: حسن عطوان 

 

 وردت روايات كثيرة بخصوص الإسم الأعظم .

 

ومفاد كثير منها : أنَّ مَن يعرف الإسم الأعظم فلن يكون مستجاب الدعاء فحسب ، بل تكون له القدرة على التصرف في الكون .

 

وبحث العلماء كثيراً في هذا الشأن ، وكثير من الأبحاث دارت مدار العثور على إسم من بين أسماء الله له هذه الخصوصية العجيبة والأثر الكبير ، ولم يصل أحد الى نتيجة حاسمة .

 

ولكن كثيراً من العرفاء يَرَون :

 

 أنَّ مسألة الإسم الأعظم ترتبط بقضية تَخَلُق الإنسان بصفات الله والقرب منه جلَّ وعلا في مسيرة الكدح اليه سبحانه .

 

وإلّا اذا كانت قضية الإسم الأعظم مرتبطة بحروف معينة ، فكيف يتسنى لشخص ظالم أو فاجر مثلاً أنْ يكون مستجاب الدعوة بمجرد معرفته بتلك الحروف ؟!

 

وأمّا الروايات القائلة : 

 

أنَّ " بلعم بن باعوراء " كان لديه هذا الإسم الأعظم إلّا أنّه فقده .

 

فيمكن أنْ يقال بشأن ذلك : 

 

أنّه كان قد بلغ مرحلة من التكامل المعنوي ، بحيث كان مستجاب الدعوة عند الله سبحانه ، إلّا أنّه سقط أخيراً ، لعله لعُجب سيطر عليه او بسبب إتباعه لهـوى النـفس او لإنقياده لفراعنة زمانه ، ففقد تلك الروحية .

 

ولعل المراد من نسيانه الإسم الأعظم هو هذا المعنى . 

 

ففي رواية : 

 

( إنَّ عيسى بن مريم كان من شرايعه السيح في البلاد ( 1 ) ، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير وكان كثير اللزوم لعيسى ( عليه السلام ) ، فلما انتهى عيسى إلى البحر قال : بسم الله ، بصحة يقين منه ، فمشى على ظهر الماء ، فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى ... جازه : بسم الله ، بصحة يقين منه فمشى على الماء ولحق بعيسى ... ، فدخله العجب بنفسه ، فقال : هذا عيسى روح الله يمشي على الماء ، وأنا أمشي على الماء فما فضله عَلَيّ ، قال : فرمس في الماء فاستغاث بعيسى فتناوله من الماء فأخرجه ، ثم قال له : ما قلت يا قصير ؟ قال : قلت : هذا روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فدخلني من ذلك عجب ، فقال له عيسى : لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت ) ( 2 ) .

 

كما إنّه ورد في بعض الروايات :

 

أنَّ الأنبياء والأئمة ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) كانوا يعرفون الإسم الأعظم .

 

ومعنى ذلك ايضاً : أنَّهم جسدوا اسم الله في وجودهم وإستضاءوا بنوره ، فكانوا بهذه المكانة ونالوا هذا المقام العظيم .

 

إنَّ المستفاد من روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) :  

 

أنَّ الإنسان كلما أخلص بالعبودية لله تعالى ازداد منه قرباً ، وبصفاته شبهاً ، حتى يبلغ أنْ يكون مَظْهَراً لإسمه الأعظم ، فيستطيع فعل ما يشاء في عالم التكوين بإذنه تعالى .

 

وقد ورد في الحديث القدسي : 

 

( يا ابن آدم أنا غني لا أفتقر ، 

أطعني فيما أمرتك أجعلك غنياً لا تفتقر ، 

يا ابن آدم أنا حي لا أموت ، 

أطعني فيما أمرتك أجعلك حياً لا تموت ، 

يا ابن آدم أنا أقول للشيئ كن فيكون ، 

أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيئ كن فيكون ) ( 3 ) . 

 

نعم بعض الروايات الواردة في مسألة الاسم الأعظم مفادها أنّه من سنخ الألفاظ ، مثل رواية : 

 

( إنَّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنّما كان عند آصف منها حرف واحد ، فتكلم به فخسف بالأرض ، ما بينه وبين سرير بلقيس ، ثم تناول السرير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، وعندنا نحن من الإسم أثنان وسبعون حرفاً ، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ) ( 4 ) .

 

ولكن لابد من تفسيرها بحيث تتفق مع ما ذكرناه آنفاً .

 

ويمكن أنْ يقال : إنَّ الثلاث والسبعين حرفاً هي طرق الإنقطاع الى الله سبحانه .

 

فالثلاث وسبعون حرفاً لعلها مقامات معنوية ، ومقابل كل حرف درجة معنوية خاصة .

 

والدرجة المستأثِر بها الله تعالى هي للتفريق بين علمه سبحانه وبين علم المعصومين من الأنبياء والأئمة .

 

والله العالم .

 

*********

 

( 1 ) السيح بالكسر الذهاب في الأرض للعبادة .

 

( 2 ) الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب ، ( ت : 329 هج ) ، أصول الكافي ، ج 2 ، ص 306 ، باب الحسد ، ح 3 ، دار الكتب الإسلامية ، طهران .

 

( 3 ) المجلسي ، الشيخ محمد باقر ، ( ت : 1111 هج ) ، بحار الأنوار ، ج90 ، ص 376 ، الناشر : مؤسسة الوفاء ، بيروت .

 

( 4 ) الكليني ، أصول الكافي ، مصدر سابق ، ج 1 ، ص 230 ، باب ما أعطي الأئمة عليهم السلام من إسم الله الأعظم ، الحديث 1 .

 

Powered by Vivvo CMS v4.7