المنقذ العالمي بين مجاهدات الإمام العسكري (ع) وسفاهات بني العباس
بواسطة ali2019-04-20 21:45:00 |
15/شعبان/1440
| عدد القراءات : 1144
حجم الخط:
بقلم : صادق القطان
من أبرز المسائل العقائدية التي تناولتها النصوص كتابا وسنة مسألة المنقذ العالمي الذي يظهر في آخر الزمان لينشر لواء العدل وهو المهدي بن الحسن (عج) وفقا لعقيدة شيعة أهل البيت (ع) وجملة من المسلمين العامة، فلم يقتصر وجود هذه المسألة على كتب الإمامية بل هي موجودة في مختلف مصادر المسلمين على تعدد مدارسهم، فالمسلمون كلهم يعتقدون بالإمام المهدي وإن اختلفوا في بعض جزئيات هذه العقيدة مثل هل أنه ولد أم سوف يولد؟ بل حتى كتب غير المسلمين من الملل السماوية تتناول مسألة المنقذ، فهذا "الكتاب المقدس" للنصارى واليهود يتحدث عن أن منقذا سوف يظهر لإقامة العدل على الأرض.
وقد جمع علماؤنا الأقدمون (رض) كما وافرا من الروايات الشريفة التي تتحدث عن قضية الإمام المهدي (عج) وما يرتبط بها من مسائل، فكتب -مثلا- شيخ الطائفة الطوسي (رض) كتاب "الغيبة" وكتب النعماني (رض) كتاب "الغيبة" أيضا وكتب الشيخ الصدوق (رض) كتاب "تمام الدين وإكمال النعمة" كما تضمنت الكتب الأخرى كالكافي والتهذيب فصولا حول هذه القضية.
وبقدر ما صارت العقيدة بالمهدي المنتظر (عج) عقيدة راسخة عند الإمامية خصوصا وعند سائر المسلمين عموما فإن التاريخ يحدثنا عن ثمة جهود عباسية حصلت في ذلك الواقع من أجل تقويض أسس النظرية المهدوية والظفر بصاحبها (عج)، ومن تلك الجهود:-
١- السعي لقتل الإمام جنينا، فقد كان العباسيون وكما يحدثنا التاريخ يبعثون من النساء إلى دار الإمام أبي محمد الحسن العسكري (ع) من تتبع أحوال نسائه وجواريه، حتى إذا بانت آثار الحمل على إحداهن عرف أنها هي أم الإمام (عج) فيصار إلى العمل على أن لا يأتي حملها إلى عالم الدنيا، وهذا ما كان يصنعه فرعون لما تنامى إليه أن نبيا سوف يولد يكون على يديه زوال عرشه وهو موسى (ع)، فراح يأمر بأن تبقر بطون الحبالى لكي يظفر بموسى (ع)، حتى كانت المرأة في ذلك الزمان تخشى أن ينكشف أمر حملها.
ولكن الله تبارك وتعالى شاء أن يخفي آثار الحمل عن أم موسى وعن مولاتنا السيدة نرجس (ع) والدة إمامنا الخلف (عج)، فتربى موسى (ع) في قصر فرعون الذي غرق وهوت دولته، وأما دولة بني العباس التي بذلت قصارى الجهد للظفر بالإمام (عج) فقد هوت والإمام (عج) حي يرزق ينتظر إذن الله له بإقامة أمره.
٢- تضييع هوية شخص الإمام (عج)، وذلك من خلال إيجاد عدة شخصيات تدعي أنها هي المهدي، حتى أن أحد خلفاء بني العباس كان بنفسه يدعي المهدوية، وهذا ما يوجب التعمية على شخصية المهدي الحقيقي الذي بشر به رسول الله (ص)، حتى أنه إذا ظهر بمشيئة الله تساءل بعض ضعيفي المعرفة والإيمان عمن هو المهدي حقيقة؟ هل هو هذا الذي ظهر أم ذاك الذي ظهر في الحقبة التاريخية الفلانية؟.
٣- دس المأثورات التي تظهره (عج) بصورة متوحشة مغايرة لما كان عليه أجداده رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع) من لين جانب وسعة صدر.
وفي قبال ما قام به العباسيون تُنْبِئُنَا السيرة العطرة للإمام أبي محمد الحسن العسكري (ع) عن ثمة جهود مقابلة قام بها (ع)، منها:-
١- إخفاء شخص الإمام الخلف (عج) إلا عن الخلص من أصحابه المقربين، وبهذا يكون (ع) قد قطع الطريق أمام العباسيين للظفر بولده، وفتح طريق الإيمان به أمام الشيعة.
٢- بيان فلسفة الغيبة ومقتضيات المرحلة فيها، سواء تلك التي تكون على عهود السفراء الأربعة (رض) والتي تعرف بالغيبة الصغرى أم التي تكون بعد عهودهم في الغيبة الكبرى.
٣- الإقلال من اللقاءات المباشرة مع الشيعة من قبله (ع) ومن قبل أبيه الهادي (ع) لغرض تهيئة الأرضية لدى الشيعة لزمن الغيبة الذي يكون القابض على دينه فيه كالقابض على الجمر، والاستعاضة عن ذلك بالوكلاء والمراسلات المكتوبة، ولا ريب في أن التهيئة بكل أشكالها مطلوبة ومهمة، فالقرآن يقص علينا كيف أنه لما غاب موسى (ع) عن قومه أربعين ليلة عاد فإذا هم يعبدون العجل، فكيف بغيبة تطول أحقابا متمادية؟! فلا شك أنها في مسيس حاجة لأن يُهيأ لها.