حول تعدد الزوجات
حول تعدد الزوجات
اعترضَ الفادي المفترِي على القرآنِ لإِباحَتِه تَعَدُّدَ الزوجات.
وقالَ في اعتراضِه: " جاءَ في سورةِ النساء: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) .
وقد فَسَّرَ البيضاوي: (مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) بالسراري.
ونحنُ نسأَل: أَليسَ تَعَدُّدُ الزوجاتِ والتَّسَري مُخالِفاً لسُنَّةِ اللهِ منذُ بَدْءِ الخَليقةِ؟
خَلَقَ اللهُ حَوَّاءَ واحدةً لآدمَ واحد..
ونحنُ نُكرمُ الرجولةَ باحترامِ الأُمَّهاتِ والأَخَواتِ والبَناتِ
والزَّوجات، ومَنْ يُفْسِد البيتَ يُفْسِد الإنسانية، وفي تَعَدُّدِ الزوجاتِ إِفسادٌ
لأَخلاقِ الرجلِ بالمظالم، وتأْخيرٌ لنَجاحِ الأَولاد، وإِهانةٌ للزوجات، وتدميرٌ
للتقدمِ الاجتماعيّ والسلامةِ القومية ".
تَعَدُّدُ الزوجاتِ في نظرِ الفادي المفترِي جريمةٌ عظمى، ومفاسِدُها
وأَخطارُها عديدة، فهو مُخالفٌ للفطرةِ والسنةِ الإِلهية، لأَنَّ اللهَ خَلَقَ لكلِّ رجلٍ امرأةً واحدة، فإِذا أَخَذَ الرجلُ امرأتَيْن أَو أَكثرَ كان مُتَعدِّياً على حَقِّ غيرِه، وتَعَدُّدُ الزوجاتِ إِهانةٌ للمرأة، وإِفسادٌ للأَخلاقِ وللأَولادِ وللبيوت، ونَشْرٌ للظُّلم، وتدميرٌ للمجتمع والإِنسانية! يا لطيف! أَكُلُّ هذه الجرائمِ والمفاسدِ ناتجةٌ عن تعدّدِ الزوجات؟!.
إِنَّ تَعَدُّدَ الزوجاتِ مُباحٌ في الإِسلام، وليسَ واجباً على كُلّ رجلِ
متزوِّج، والواقعُ العمليُّ أَنَّ معظمَ المتَزَوّجين لا يَأْخذونَ بهذه الرخصة، وأَنًّ
الذين يُعَدِّدونَ الزوجاتِ أَعدادٌ قليلةٌ جِدًّا.
ثم إِنَّ الإِسلامَ عندما أَباحَ تَعَدُّدَ الزوجاتِ اشترطَ على الرجلِ العَدْلَ
والمساواةَ بين الزوجاتِ، وحَرَّمَ عليه أَنْ يَميلَ لامرأةٍ على حِسابِ الأُخْريات،
جاء في كتاب شبهات المشككين رد على شبهة تعدد الزوجات ما نصه:
إن إبراهيم - عليه السلام - كان متزوجاً من سارة وهاجر وقطورة.
وهو أب لليهود والنصارى والمسلمين.
وأيضاً كانت له سرارى كثيرة لقوله: " وأما بنو السرارى اللواتى كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحاق ابنه شرقاً إلى أرض المشرق وهو بعد حى " [تك 25: 6] وموسى كان متزوجاً من مديانية وحبشية [عدد 12: 1] ويعقوب - عليه السلام - كان متزوجاً من حرتين وأمنين وهما ليئة وراحيل وزلفة وبلهة [تك 29 وما بعده] وكان لداود نساء هن: أخينوعم اليزرعبلية - أبيجايل - معكة - حجيث - أبيطال - عجلة.
الجميع ستة عدا بثشبع امرأة أورياالحثى التى أنجب منها سليمان - عليه السلام -[صموئيل الثانى 3: 1 - 5] وكان لسليمان " سبع مائة من النساء السيدات، وثلاث مائة من السرارى " [الملوك الأول 11: 3] .
وفى الإنجيل أنه كان للمسيح أربع إخوة هم: يعقوب وموسِى ويهوذا وسمعان [مرقس 6: 3] واتفق النصارى على أن مريم أتت به بغير زرع بشر.
وإذ هذا حاله.
فهل هؤلاء الأربعة على الحقيقة إخوة أم على المجاز؟ اختلفوا.
لأن متى قال عن يوسف النجار: " ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر " [مز 1: 24] فيكون قد عرفها بعد ولادته.
وإن منهم لفريقاً يقولون: " إنها ظلت عذراء إلى أن ماتت، وإن الأربعة أولاد ليوسف عن زوجة سابقة له على مريم ".
وعلى أية حال فإن غرضنا وهو إثبات تعدد الزوجات بإخوة المسيح الأربعة.
وفى تفاسير الإنجيل أنه كان له أختان أيضاً هما أستير وثامار؛ يكون ملزماً لهم بإثبات التعدد. اهـ (شبهات المشككين)
كما اشترطَ عليه القدرةَ الماليةَ والجسدية والجنسية على التعدُّد، فإِنْ لم تتحقَّقْ
تلك الشروطُ كان التعدُّدُ حراماً.
وإِنَّ تعدُّدَ الزوجاتِ حَلّ لمشكلاتٍ عديدةٍ عندَ الرجلِ والمرأةِ والبيتِ
والمجتمع، ولا يكون الحَلُّ بغيره، وإِنَّ اللهَ الذي أَباحَ تَعَدُّدَ الزوجاتِ وأَذِنَ بِه يَعْلَمُ حاجةَ الرجالِ إِليه أَحياناً، ولكنه لم يَجْعَلْه مَفْتوحاً، وإِنما وَضَعَ له
الشروطَ، كي لا يتحوَّلَ إِلى مفسدة!.
ولا أَدرىِ لماذا يشُنُّ النَّصارى والغربيّون عُموماً على تَعَدُّدِ الزوجاتِ هذه
الحربَ الشَّرِسَة، ويثيرونَ حولَه الشبهاتِ والاتِّهامات، وماذا يَضيرُهم لو عَدّدَ بعضُ الرجالِ زوجاتِهم، إِذا كانَتْ مُشكلاتُهم ومُشكلاتُ النساءِ العوانس لا تُحَلُّ إِلّا بالتَعَدُّد!!.
ولماذا يُحاربونَ تَعَدُّدَ الزوجات، وقد كانَ التَّعَدُّدُ منتشراً بين الناس، من
قديمِ الزمان.
وقد ذَكَرَ العهدُ القديمُ - الذي يَعتبرُه النَّصارى جزءاً من دينِهم -
أَمثلةً عديدةً لأَنبياء عَدّدوا الزوجات، وفي مقدمتِهم داودُ وسليمانُ - صلى الله عليهما وسلم - فهلَ كانَ النبيانِ داودُ وسليمانُ مخطئَيْنِ عندما عَدَّدا الزوجات؟
أَم أَنَّهما لم يُعَدِّدا؟
وهلّ يمكنُ للفادي أَنْ يُكَذِّبَ العهدَ القَديم ويبقَى مؤمناً؟!.
وإِذا كان النَّصارى الغربيّون لا يُعَدِّدونَ الزوجات، ويَعتبرونَه جريمةً
ومفسدةً ودَماراً، فإِنهم يُمارسونَ فاحشةَ الزِّنى مع العشيقات والخليلات،
يُخالِلُ الرجلُ منهم في الوقتِ الواحدِ أَكثرَ من عشيقة، ويُغَيِّرُ ويُبَدِّلُ في عشيقاتِه كما يَشاء، ولو عَدَّ الرجلُ الغربيّ النساءَ العشيقاتِ اللَّواتي زَنى بهنَّ فقد يصلُ العددُ إِلى مئةِ عشيقةٍ أَو أَكثر! وقُلْ مثلَ هذا في عُشّاقِ المرأة، الذين تُعاشِرُهم وتَرتكبُ معهم الفاحشة، فقد يَزيدُ عددُ الرجالِ الذينَ زَنَوا بها عن مئة!.
فالذينَ يَرفعونَ أَصواتَهم في الاعتراضِ على تَعَدُّدِ الزوجات، وتخطئةِ
القرآنِ الذي أَباحه، يُمارسونَ تَعَدُّدَ العشيقاتِ الزانيات، وتَحَدَّثْ عن امتهانِ المرأةِ العشيقةِ واحتقارِها، وتَحَدَّثْ عن المفاسدِ والمصائبِ والخسائر، التي
تَنتجُ عن تَعَدُّدِ العشيقات! ولا مُقارنةَ بين عظمةِ القرآنِ عندما حَدَّدَ العَدَدَ
الأَقصى بأَربعِ زوجاتٍ عفيفات، وبينَ الإِباحيةِ الغربيةِ التي لا تَجعلُ قَيْداً على
عَدَدِ العشيقاتِ الزانيات!!.