بواسطة ali2019-04-20 22:26:00 |
15/شعبان/1440
| عدد القراءات : 2279
حجم الخط:
بقلم : الشيخ حكيم الخزاعي
كانت مشكلة الشر ولازالت من اعقد الامور الفكرية والفلسفية والكلامية منذ القدم حتى يومنا هذا وقد تنوعت الاجوبة عنها بتنوع المدارس الفكرية والاتجاهات والاديان .
وللشر تقسيمات من ابرزها تقسيمه الى الشر الطبيعي (سيول ,فيضانات ,زلازل ,براكين وغيرها) والشر الاخلاقي (اي الشر الذي يرجع لاختيار الانسان )وبما اننا نتحدث عن السيول والفيضانات فاننا بالتالي نتحدث عن الشر الطبيعي بالتالي سنذكر الاجوبة عن هذا النوع من الشر وليس بجميع اقسامه .
والتساؤل هو لما خلق الله الطبيعة بهذه الكيفية بحيث تحتوي على هذا الكم من الشرور اليس هذا ضد برهان النظم الذي يقيمونه كدليل على اثبات واجب الوجود اليس يمكن ان يكون افضل واليق مما كان سنجيب عن هذه الشبهة بعدة اجوبة
1.ماكان افضل مما كان لان هذا العالم هو انعكاس للخالق العالم بالاطلاق والقادر بالاطلاق فلو كان هناك نظاما اكملا متصورا لما جهله تعالى ولما عجز عنه فهذا النظام هو اصلح نظام ممكن ولكن هناك اشياء راجعة للنظام بماهو نظام اي ان النقص فيه كما يعبرون (في قابلية القابل لا في فاعلية الفاعل )
2.وهنا نقول ان عالم الطبيعة وعالم المادة هو عالم (الكون والفساد) عالم التغير وعدم الثبات وعالم الاضداد وهذا من طبيعته وحقيقته وماهيته فلو اردنا عالما بلا مشاكل طبيعية مثل فيضان البحر فانه لازمه ان لايوجد هذا العالم لذا يقول صدر المتالهين الشيرازي ما مضمونه (ان تصور هذا العالم بلا شرور طبيعية يعني نفي لوجوده) تماما مثلما لو اردنا انسانا بلا شر اخلاقي يعني بلا ارادة بالتالي يعني لايمكن وجود انسانا بتاتا لان الارادة ذاتية للانسان فهو مختار بالتالي لابد ان يصدر منه الشر الاخلاقي .
3.ولكن هذا الشر في عالم المادة هو اقلي وليس اكثري لذا يقول العلماء ترك الخير الاكثر للشر الاقل هو شر كثير فالله لو اراد بسبب الفيضانات عدم وجود الماء مثلا الذي يقول عنه (وجعلنا من الماء كل شي حي) فالماء يساهم بالوجود الحياتي بصورة جدا كبيرة فهو مصدر وجود وبقاء ولاتوجد هناك نعمة تضاهيه لذا لو لم يخلقه بسبب هذه الشرور الكثيرة لفوت الخير الكثير وهذا قبيح عقلا
4.ثم هذا الشر الطبيعي كالفيضان مثلا نسبي اضافي بمعنى هو شر لمن اصابه وخير لمن لم يصبه فشريته ليست ذاتية بل اضافية نسبية لان اصل وجود الماء خير لكنه بالقياس الى الذي اصابه الفيضان شر ولكنه في المحصلة النهائية هوخير لاصل الطبيعة وايضا للانسان الصابر المحتسب بحسب التعويض الالهي له في الاخرة
5.ولولا هذه التحديات الطبيعية لما وصل الانسان الى هذا النظام الاروائي المائي الهندسي البديع لذا هذه التحديات تجعل الانسان ذو ارادة ومعرفة وتكامل لذا طور من نفسه وتكامل علميا وحضاريا ونفسيا وفكريا فهو مدين للتعب وليس للراحة في بناء حضارته لذا في المحصلة النهائية تعود هذه الكوارث الطبيعية بالخير للانسان من بعيد وهذا مايقوله الفلاسفة ان الخير هو الحاكم على نظام الوجود
6.ثم هل يمكن التغلب على اكثر هذه التحديات نقول نعم فالله اعطى الانسان العقل والعلم والقدرة واعطاه الخيرات واصل وجوده هو لاجل الاختبار ولاجل الاعمار وهل يكونان بلا تحديات ,ها نحن نجد الامم المتطورة قضت وانتصرت على الكثير من الامراض والكوارث واوجدت نظام الانقاذ الفوري ونظام التنبيه لمن هو قريب على المخاطر مما ساهم بشكل كبير في انقاذ الانسان نعم بقيت الدول المختلفة ترزخ تحت نير التخلف والكوارث الطبيعية والاخلاقية (وماظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون) وبهذا التغلب يثبت الانسان ذاته وانه خليفة الله في الارض
7.نعم تبقى بعض هذه الكوارث هي جرس انذار وتنبيه للانسان حينما ينسى الله ويغفل عنه حينما يظلم الانسان اخيه الانسان (ظهرالفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ) فهذه الكوارث اضافة للبعد التكاملي الذي تحدثنا عنه لها بعد ديني سواء كان ردعي او تكاملي بحيث يتذكر الانسان بعد الغفلة لعله يرجع ويعود يقول الله تعالى عن ذلك (وما ارسلنا في قرية من نبي الا اخذنا اهلها بالباساء والضراء لعلهم يضرعون) فهذه سنة الله ولن تجد لسنته تبديلا اوتحويلا فهو يبتلي الجميع حتى اوليائه بل البلاء عليهم اشد .
8.في الاخيريقال انما تعرف الامور باضدادها فلولا الظلام لكان النور سرمديا ولنعدمت معرفته ولولا الشر لما عرفنا الخير وشكرناه لذا يقول الامام علي نعمتان مجهولتان الصحة والامان ,لذا كما كان الشر ضرورة تكاملية هنا يكون ضرورة معرفية فهذه الكوارث تعرفنا نعم الله التي نرفل بها ونعيش بكنفها لكننا نجهلها بسبب الدعة لذا لانشكر لان الشكر فرع المعرفة والشر معرف للخير الذي
في حال فقدانه نشعر فيه وننتبه الى موفور النعم التي قال عنها الله (وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها).
واخيرا علينا ان نعرف ان هذه الكوارث ايضا اختبار لانسانية الانسان فهل يتقدم خطوة الى الامام لاجل انقاذ اخيه الانسان ام لا ,وعلينا ان نعرف عظم مايدخره الله للمبتلين الصابرين بحيث ان نعم الله في الاخرة غير منقطعة في قبال لحظات من الالم زائلة لذا يقول الامام علي (ماخير بخير بعده النار ,وما شر بشر بعده الجنة )ولنذكر قول الله تعالى (والله يحب الصابرين) ويقول جل جلاله (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس و الثمرات وبشر الصابرين,الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون) وقد جاءت روايات اهل البيت حول ذلك وهي كثيرة نكتفي بهذا الحديث الوارد عن الامام جعفر الصادق عليه السلام (من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له اجر الف شهيد )