مركز الامام الصادق الدراسات التخصصية
البكاء عاطفة انسانية ومبادئ رسالية.. الحلقة الاولى: حقيقة البكاء
بواسطة
ali
2019-04-21 07:48:00 |
15/شعبان/1440
| عدد القراءات : 1510
حجم الخط:
بقلم : السيد ضياء الدين الحبش
في الحقيقةِ لا يحتاج معنى البكاء وحقيقته إلى تفكيرٍ عميق، بل هو واضحٌ جدا، إذ يُطلق على نزول الدمع من العينين، لسببٍ من الأسبابِ الآتي ذِكرها.
وقد يرافقه صوتٌ ما، مثل النشيجِ، أوالأنينِ، أوالآهاتِ، ويكوْن عادةً بعد وصولِ الإنسان إلى درجةٍ عاليةٍ منَ التأثّر.
ولعلَّ هذا الأخير -التأثّر الشديد- هو المائِز بين البكاء الإنسانيّ وبين ما يسمّى بكاءً عند المخلوقاتِ الأخرى..
وقد لوحِظ جريان الدمع من بعض الحيوانات والطيور.
والحقيقة أنّنا لا يمكن أن ننفي *التأثّر وشدّته*عن هذه المخلوقات وإنْ لم يبدُ واضحاً.
وقد تحدّث بعضهم وعرض صوراً عن شيءٍ يشبه هذا، مثل سيلان بعض المواد من الأشجار عند قطع أغصانها، أو غير ذلك،
نحن نردّ هذا إلى أسبابه العلمية، لكن الإنصاف ألا ننفي تأثّر المخلوقات الاخرى، التي لها عالمها الخاص، ولاسيما أنّ ثمة إشارات منها قد تفيد انها تشعر وتبكي، بل القرآن صريح أنّ لها إرادة.
ففي عالمنا نحن –عالم الإنسان- لا يأخذ هذا المشهد البعد العاطفيّ عادةً، بل يفسّر تفسيراً علميّاً أو ماديّاً..
لكنْ يمكن افتراض بعدٍ عاطفيّ يليق بعالم الحيوان والطيور والنبات بالنّظر إلى هذه العوالم على أنّها عوالم لها حياة ونواميس خاصة.
بناءً على ما يبدو من بعض الظواهر القرآنيّة التي تصفها بأنّها أممٌ أمثالُنا، وبالتالي لها شعور وحظ من الإرادة.
مثل قوله تعالى:
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الأنعام (38).
وما حكاه القرآن الكريم عن عالم النحل والنمل والطيور والهدهد وغير ذلك.
وفي العودة إلى البكاء الإنسانيّ ونقول:
إنّ الدموع الإنسانيّة عادةً تمثّل تعبيراً آخراً، يختلف عن التعبير اللفظيّ الذي هو التعبير الأساسيّ والأوضح عن مكنونات النفس الإنسانيّة ومشاعرها، ورغباتها، وأحزانها، وأفراحها.
ويمكن القول إن ثمة أساليب تعبيريّة أخرى، وبغضّ النظر عن كونها إراديّةأولا إراديّة، عقليّة مدروسة، او عفويّة متدفّقة،
هذه الأساليب لها خصوصيّات وميّزات لا ينهض بها التعبير الكلامي العادي.
وسيأتي الكلام عن أنواع البكاء، من حيث أنه عاطفة تلقائيّة أو مقصودة.
وفي كلتا الحالتين يتمتّع البكاء بميّزات لا يمتلكها التعبير الكلاميّ، مثل:
1- يؤثّر البكاء عادةً على الشخص الباكي تعبيراً إيجابياً، إذ يشعر بالراحة بعد البكاء، وكأنّما هذه الدموع الساخنة رشحات من لهيب في نفسه، فيخفّف هذا الضغط الداخليّ بفيضٍ من الدموع.
2-يؤثّر البكاء في الناس الذين يشاهدون الباكي، ورغم أن البكاء قد يُظهره بمظهر ضعف عند بعضهم، إلّا أنّ البكاء بحدّ ذاته وسيلة فعّالة لإثارة العقل في سبب البكاء، وإثارة المشاعر للتعاطف مع هذا الذي يبكي.
3-وقد ذكر بعض الأطباء والمختصين أن للبكاء آثاراً صحيّة جيّدة على الشخص الباكي لا مجال لتفصيلها هنا.
وسيأتي في ثنايا المقالات القادمة ما هو أعمق وأهمّ من هذا.
والسلام..