• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

فزت ورب الكعبة

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2719
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
فزت ورب الكعبة

بقلم: الشيخ ميثم الفريجي 

 

بينما كان النبي ( صلى الله عليه واله ) يخطب في المسلمين بكلماته النورانية في خطبة استقبال شهر رمضان التي يرويها الصّدوق (قدس) بسند مُعتبر عن الرِّضا ، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليهم افضل الصلاة والسلام اذ قام امير المؤمنين (ع) سائلاً فقال  : (( يا رسول الله ، ما افضل الاعمال في هذا الشهر ؟ فقال : يا ابا الحسن افضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ، ثم بكى ، فقال علي : يا رسول الله  ما يبكيك ؟! فقال : يا علي ، لما يستحل منك في هذا الشهر ، كأني بك وانت تصلي لربك وقد انبعث اشقى الاولين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود، فيضربك ضربة على قرنك  تخضّب منها  لحيتك ، قال امير المؤمنين (عليه السلام) : فقلت : يا رسول الله  وذلك في سلامة من ديني ؟ فقال  : في سلامة من دينك ، ثم قال : يا علي ،  من قتلك فقد قتلني ، ومن ابغضك فقد ابغضني ، ومن سبك فقد سبني ، لانك مني كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، ان الله عزّ وجل خلقني واياك ، واصطفاني واياك ، اختارني للنبوة واختارك للامامة ، فمن انكر امامتك فقد انكر نبوتي . يا علي انت وصيي وابو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على امتي في حياتك وبعد موتي ، امرك امري ونهيك نهيي ، اقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية انك حجة الله على خلقه وامينه على سره وخليفته في عباد ))

 

اقول : في هذا الحديث كنوز ومعارف وقد سألت الله تبارك و تعالى ان يعينني للوقوف على بعضها فجرى القلم بما قلّ : 

 

1/ هذا الخبر من دلائل صدق نبوة النبي ( ص ) فأنه يخبر بهذه التفاصيل عن مقتل وصيه ويتحقق ما اخبر عنه بعد اكثر من ثلاثة عقود من الزمن قال تعالى : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول أنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ))

 

2/ اعمال الخير كثيرة ، والعبرة ليس بحجم العمل وكثرته وانما بجوهره وحقيقة الاخلاص به ، فهذه ضربة علي ( عليه السلام ) يوم الخندق هو فعل واحد في وقت واحد ولكنَّ الله عادلها بعبادة الثقلين كما في الأخبار الصحيحة ، وكذلك تصدّقه بالخاتم في صلاته فليس له قيمة مالية تذكر ، لكن الله تعالى انزل به قرآناً يتلى إناء الليل وأطراف النهار 

ايها الاحبة : فعلينا ان نتحرى في عملنا اكثر الاعمال قرباً ورضاً لله تبارك و تعالى

ومن هنا سأل علي ( عليه السلام ) عن افضل الاعمال في هذا الشهر كي يستثمر اكبر وأسرع فرصة لرضى الله تعالى مع ان الرسول (ص) بيّن فضلى الاعمال في هذا الشهر 

فأجابه الرسول : ( ان افضل الاعمال في هذا الشهر هو الورع عن محارم الله )  ، وانما يتحقق الورع بالابتعاد عن الشبهات وان بانت بثوب الحلال والمباح فضلا عن المحرمات والموبقات ومن هنا ورد : ( من حام حول الحمى أوشك ان يقع به ) 

 

ولعمري ان هذا الامر لا يعرف بغير علي وال بيته وهو القائل : (( لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على ان أعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت ، وان دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ... ما لعلي ونعيم ينفى ، ولذة لا تبقى ))

فأذن هذا الجواب من رسول الله لنا نحن المساكين فأن الورع يعرف بعلي في شهر رمضان وغيره من الشهور 

 

3/ ان الذي ابكى رسول الله لا شك انه امر عظيم تهتز له الارض وتخر منه السماء وتعج له الملائكة وتتهدّم به اركان الهدى ، والمناسبة واضحة بين الجواب والبكاء فأن الجواب كان هو الكف عن المحارم ، وقد ذكّر النبي بأعظم تلك الحرمات التي تنتهك في هذا الشهر العظيم وهو الاعتداء على ولي الله ، ووصي رسوله بسفك دمه الطاهر في محراب صلاته وفي بيت من بيوت الله ، فأي شيء اعظم من ارتكاب هذه الحرمة التي لم يصدر مثلها في التأريخ . 

 

4/ ما كان حال علي (ع) حينما سمع جواب رسول الله ؟ 

 لم يكترث ( ع ) لنبأ مقتله ابدا ، لانه كان ينشد ميتة بحق ويأنف عن ان يموت حتف انفه على الفراش وهو مجندل الأبطال وليث الوغى وهو القائل : (( ايها الناس ان الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ليس عن الموت محيص ، ومن لم يمت يقتل وان افضل الموت القتل والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف اهون علي من ميتة على فراش )) 

والمهم عند علي ان يقتل على سلامة من دينه ، وان تختم تلك الحياة المعطاء بسلامة من دينه فيكون مسك الختام له رضا الله تعالى لذا صدع مهلهلاً : ( فزت ورب الكعبة )

 

5/ لا شك ان علياً (ع) يعلم علم اليقين انه يخرج من هذه الدنيا على سلامة من دينه ويلمُّ بتفاصيل مقتله وقد علم بها في خلواته مع معلمه الاول خاتم النبيين ، وهو القائل : ( ايها الناس سلوني قبل ان تفقدوني فانا بطرق السماء اعلم مني طرق الارض )

ولكن يبقى الاعلان عن ذلك بين الملأ يتضمن فوائد عديدة

منها وجود المنافقين والضالين والقاسطين الذين وترهم عدل علي وسيفه فأنهم لا يتورعون عن الصاق اي تهمة به كما فعل معاوية والخوارج باتهامه بالخروج عن الاسلام فأراد ان يسمع الناس شهادة النبي بحسن خاتمته والذي يكذّب النبي يكون هو الخارج عن الاسلام وشريعته 

 

6 / اننا نقف امام حقيقة دامغه وهي : لا يمكن التفريق بين حب النبي وحب الوصي فلا يجتمع حب النبي مع بغض وصيه 

 : ( ياعلي : من قتلك فقد قتلني، ومن ابغضك فقد ابغضني، ومن سبك فقد سبني))

 

 ومن هنا يتضح حال من وقف بوجه علي بعد وفاة النبي ومن وقف بوجهه في خلافته والباغي عليه ومن حاربه ومن سنّ سبه وشتمه على المنابر فكل هؤلاء هم بالحقيقة معادون لرسول الله  وينتسبون زوراً وبهتانا للإسلام فهذه حقيقة ينبغي التنبه لها  

 

7 / قال رسول الله :(( لأنك مني كنفسي روحك من روحي وطينتك من طينتي ))

وهذا المعنى جسّده القرآن الكريم بقوله تعالى : (( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ ))

وورد كثيرا في كتب الفريقين بالفاظ متعددة منها : كنفسي ،وانت مني وانا منك ، او انا وعلي من شجرة واحدة وغير ذلك كثير

 

روى النسائي في السنن الكبرى عن ابي ذَر قال : (( قال رسول الله ( ص) : لينتهيّن بنو وليعة او لأبعثنَّ اليهم رجلاً كنفسي ينفذ فيهم امري فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية فما راعني الا وكف عمر في حجزتي من خلفي من يعني ؟ فقلت : ما إياك يعني ولا صاحبك ، قال فمن يعني ؟ قلت : خاصف النعل قال وعلي يخصف نعلا ))

 

 وفي المعجم الوسيط للطبراني عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : (( الناس من شجرٍ شتى وانا وعلي من شجرةٍ واحدة ))

 

ومنزلة علي من رسول الله اشهر من ان تنكر 

جاء في دعاء الندبة في مقطع من قول النبي لعلي :(( أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَارِثِي ، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي وَدَمُكَ مِنْ دَمِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَحَرْبُكَ حَرْبِي ، وَالإيْمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَما خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي ، وَأَنْتَ غَداً عَلى الحَوْضِ خَلِيفَتِي وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ عِداتِي ، وَشِيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي ، وَلَوْلا أَنْتَ ياعَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ المُؤْمِنُونَ بَعْدِي))

 

8 / يصف النبي (ص) قاتل علي (ع) بأشقى الاولين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود وهو بن ملجم المرادي لعنه الله الذي هو من صنف الخوارج الذين شاع ضلالهم وإضلالهم مع انهم يدّعون الاسلام ويقرأون القرآن وجباههم سود من الصلاة فيتقرب هذا اللعين بقتل امير الموحدين وسيد الوصيين الى الله تعالى ، والنبي ينادي :(من قتلك فقد قتلني ، ومن ابغضك فقد ابغضني ) 

وكأن الزمان يعيد نفسه  فيولد الخوارج من جديد تحت مسمى ( داعش ) فيفسدون في الارض ويقتّلون المسلمين ويبدعون في الدين وهم منه براء وانما هم قوم مستأجرون لتشويه الاسلام وسماحة الشريعة وتعاليم القرآن ومنهم المغرر به والجاهل والضال والمتحجر والنكرة وبقية شذاذ الاناق وما علموا : (( ان الدين عند الله الاسلام ))

ومذهب الحق لا تنتكس رايته مادام شعاره : هيهات منا الذلة 

وستنقضي وتنجلي هذه الغبرة عن حقيقة هي ان داعش خوارج العصر وقد محي أثرهم وغاب ذكرهم الا في سجل الموبقات والمساويء كما هو سجل الخوارج 

والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون 

سلام عليك سيدي ومولاي يا ابا الحسن يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا 

اللهم اجعلنا من شيعته ومواليه وارزقنا شفاعته ونيل الزلقة لديه وأكرمنا بنصرة وليه الامام المهدي عج حينما ترفرف راية الحق بين يديه عاجلا ام اجلا والله ولي المؤمنين 

Powered by Vivvo CMS v4.7