سر القيادة النبوية الناجحة
بقلم: الشيخ حميد وناس ال عجمي
وصف الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه واله بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ), (سورة التوبة: 128)
وهذه الاية الكريمة على إيجازها هي كنز من الكنوز القرانية في الصفات النبوية, فهي تشير لجانب خفي من جوانب نجاح القيادة النبوية, بل مطلق القيادة في أي زمان ومكان, وهذا الجانب الخفي بالغ الاهمية, هو: حرص القائد على أتباعه بحيث يعز عليه إبتعادهم عما فيه منافعهم, فكلما كان القائد حريصا على أتباعه متمسكا بهم ولهم معزة في قلبه, كان ناجحا في قيادته ونال رضى وقبول الاتباع .
وبخلاف ذلك فإن إستشعار الاتباع حالة عدم الحرص عند القيادة وعدم الاهتمام بهم, كفيل بإنفصام عرى الثقة والانقياد والقبول لتوجيهات تلك القيادة, ومن يطالع المشاريع الشيطانية التي تستهدف التفريق بين القيادة الدينية الرشيدة وعامة أفراد المجتمع, يجد أن ساحة تلك المشاريع تتركز وبصورة رئيسية على: إيهام العامة من الناس بعدم حرص القيادة عليهم, ولا إهتمامهم بمعاناة وآلام المجتمع, فإذا صدق المجتمع ذلك وقعت الكارثة ونجحت المشاريع الشيطانية .
فالنبي الاعظم صلى الله عليه وآله نجح في مشروعه الالهي نجاحا باهرا, حين إستطاع أن يقنع الاخرين بأنه حريص عليهم ويعز عليه عنتهم, فصار بذلك من نفس الامة, أي يحمل نفسا ممتزجة بنفوس أبناء الامة ومتحدة معها, لا أنه يشترك معهم بالنسب أو الموقع الجغرافي .
ومن يقرأ في السيرة النبوية المطهرة يجد صفة الحرص منه عليه واله الصلاة والسلام واضحة جدا, فهو يعلم أبناء أمته مع الحرص وينصحهم مع الحرص بل ويحارب الفاسدين منهم ويزجر المنحرفين حرصا منه عليهم وعلى غيرهم .
فلا نجاح لاي مشروع قيادي دون الحرص من القائد, وإستشعار الاتباع بذلك الحرص منه, ودولة مولانا الامام المهدي عليه السلام ستقوم على مبدأ حرص القائد على أتباعه, وتقدير الاتباع لهذا الحرص وشعورهم بالمسؤولية تجاهه, وقد وردعن الامام أمير المؤمنين عليه السلام في توصيف مولانا صاحب الزمان قوله: (أوسعكم كهفا، وأكثركم علما، وأوصلكم رحما) (الغيبة للشيخ النعماني ج١ ص٢٢٠), فهو لشدة حرصه على أتباعه كانه الكهف الواسع الذي يجمعهم ويحفظهم .
فسلام على سيدنا الحبيب المصطفى في يوم رحيله وفقدان الامة لحرصه وعنايته بها ورحمة الله وبركاته .