ثلاثة ادوار مهمة في حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام
بقلم: الشيخ علي الخفاجي
إن حياة الإمام الحسن العسكري عليه في واقعها صورة متكاملة من الأحكام والتكاليف والادوار والوقائع الشرعية ومع ذلك فقد برزت في حياته المباركة ثلاثة ادوار أثرت في الواقع الإسلامي..
الدور الأول.. تهيئة العلماء وتربيتهم :
مع ما عُرف من أنّ إلامام العسكري (عليه السلام) كان رهينة بيد السلطة التي مارست معه أعلى حالات التغييب والاقصاء من جهة وفرض حالة الاحتجاب عليه التي أراد أن يهيء من خلالها شيعته لزمن الغيبة من جهة أخرى و مع ذاك تمكن (عليه السلام) أن يربي ثلّة من أصحابه ووكلائه وطلابه الذي أصبحوا فقهاء و رواة للحديث كانوا منتشرين في أماكن متعددة من البلاد وذلك للحفاظ على أصول الشريعة الاسلامية ونشر سنن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وأخلاقهم في المجتمع الإسلامي.
وتتلخص هذه التهيئة في عدة نقاط :
منها : الرسائل والمسائل التي رواها عنه عليهالسلام أصحابه أو أخرجها إليهم.
منها : ما روي عنه( عليه السلام) في باب الأحكام والسنن وقد بلغت أكثر من (مئة حديث) مقسمة على أبواب الفقه المختلفة.
منها : تنشئة جيل من أصحابه من الرواة والفقهاء والمؤلفين ولا ريب أن دور الإمام الحسن العسكري (عليهالسلام) تتضح معالمه من خلال عمل أتباعه المعتمدين.
وكان( عليه السلام) في كل ذلك يتخذ طابع السرية حتى ورد أنه (عليه السلام) كان يضع الكتب في خشبة كأنّها رجل باب مدورة طويلة ملء الكف ويدفعها إلى أحد الخدم ليوصلها إلى العمري ، كما ورد في رواية داود بن الأسود
الدورالثاني.. التمهيد لغيبتة الإمام المهدي (عليه السلام)
ويتركز هذا الدور بعدة نقاط :-
1.. إخفاء أمر ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه الشريف) ففي ليلة ولادته أخفى أمر ولادته إلا على جماعة قليلة من الموالين والمخلصين أمرهم حين بشّرهم بولادته أن يكتموا أمره عن الآخرين.
2.. الاحتجاب عن الناس و الغرض منه إعداد الناس لتقبل فكرة الغيبة فلم يكن يلتقي بالناس إلا في الأيّام التي كان يخرج فيها بأمر المعتمد العباسي بل ولم يكن يظهر حتّى لشيعته وكان يكلّمهم من وراء ساتر.
3.. إعتماد الوكلاء للتواصل بينه وبين شيعته لحلّ مشاكلهم ولِيعتادوا الرجوع إلى الوكلاء وليس إلى الإمام المعصوم مباشرةً.
الدور الثالث.. تصديه لمظاهر الغلو :
من ذلك رسالته (عليه السلام) الى بعض مواليه رسالة حادة اللهجة حملت تهديد الامام (عليه السلام) لهم
فقال : ( فقد بلغني ما أنتم عليه من اختلاف قلوبكم وتشتيت أهوائكم ونزغ الشيطان حتى أحدث لكم الفرقة والإلحاد في الدين والسعي في هدم ما مضى عليه أوائلكم من إشادة دين الله وإثبات حق أوليائه وأمالكم إلى سبيل الضلالة وصد بكم عن قصد الحق فرجع أكثركم القهقرى على أعقابكم تنكصون كأنكم لم تقرؤا كتاب الله جل وعز ولم تعوا شيئاً من أمره ونهيه ولعمري لئن كان الأمر في اتكال سفهائكم على أساطيركم لأنفسهم وتأليفهم روايات الزور بينهم لقد حقت كلمة العذاب عليهم ولئن رضيتم بذلك منهم ولم تنكروه بأيديكم وألسنتكم وقلوبكم ونياتكم، إنكم شركاء وهم، في ما اجترحوه من الافتراء على الله تعالى وعلى رسوله وعلى ولاة الأمر من بعده ولئن كان الأمر كذلك لما كذب أهل التزيد في دعواهم ، ولا المغيريّة في اختلافهم ولا الكيسانية في صاحبهم ولا من سواهم من المنتحلين ودّنا والمنحرفين عنا، بل أنتم شر منهم قليلاً، وما شيء يمنعني من وسم الباطل فيكم بدعوة تكونوا شامتاً لأهل الحق إلاّ انتظار فيئهم، وسيفيء أكثرهم الى أمر الله إلاّ طائفة لو [شئت] لسميتها ونسبتها استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، ومن نسي ذكر الله تبرأ منه فسيصليه جهنم وساءت مصيراً وكتابي هذا حجة عليهم ، وحجة لغائبكم على شاهدكم إلاّ من بلغه فأدّى الأمانة ، وأنا أسأل الله أن يجمع قلوبكم على الهدى ، ويعصمكم بالتقوى ، ويوفقكم للقول بما يرضى ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) .
الشيخ علي الخفاجي
قسم العقيدة في مركز الإمام الصادق ع للدراسات والبحوث الإسلامية التخصصية