حول التطهر بالتيمم

بواسطة |   |   عدد القراءات : 620
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

حول التطهر بالتيمم
أَثارَ الفادي المفترِي عِدة إِشْكالاتٍ حولَ التَّطَهُّرِ بالتَّيمم، وتَلاعبَ في
حديثِه عن سببِ نُزولِ آيةِ التَّيمم، وحَرَّفَ كَلامَ البيضاويِّ وغيرِه، كعادتِه في التَّلاعبِ والتَّحريف، والكذبِ والافتراء، والزَّعْمِ والادِّعاء.
الآيةُ التي شَرَعت التيممَ هي قولُ اللهِ - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) .
وكانَ نزولُ هذه الآية في حادثةِ عائشةَ - رضي الله عنها -، عندما أَضاعَتْ عِقْدَها.
ذَكَرَ الفادي روايةَ البخاري قائلاً: " روى البخاريّ عن عائشةَ قالَتْ:
سَقَطَتْ قِلادَةٌ لي بالبَيْداء، ونَحنُ داخلونَ المدينة، فأَناخَ محمدٌ ونَزَل، فَثَنى
رأسَه في حِجْري راقِدا، وأَقبلَ أَبو بكر، فَلَكَزني لَكْزَةً شديدة، وقالَ: حَبَسْتِ الناسَ في قِلادة..
ثم إِنْ محمداً استيقظ..
وحَضَرت الصبْحُ، فالْتُمِسَ الماءُ، فلم يوجَدْ، فاستعوَضَه بالتُّراب..
وعن عائشةَ قالت: لما كانَ من أَمْرِ عِقْدي ما كان، وقالَ أَهلُ الإِفْكِ ما قالوا، خرجْتُ معَ محمدٍ في غزوةٍ أُخْرى، فسقَطَ أَيْضاً عِقْدي، حتى حَبَسَ الناسَ عن الْتماسِه، فقالَ لي أبو بكر: بُنَيَّة!
في كُلِّ سفر تكونينَ عَناءً وبَلاءً على الناس..
ولكنْ لما كانَتْ هي سببُ التيممِ رضيَ عَنْها أَبو بَكْر.. "

هل هذه روايةُ البخاري؟
وهل كان الفادي أَميناً في النّقل؟
لِنقرأ الروايةَ من صحيحِ البخاري، ولْنقارنْ بينَ الكلامِ الذي فيه، والكلامِ الذي نَقَلَهُ الفادي عنه.
روى البخاريُّ عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: " خَرَجْنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَعْضِ أَسفارِه، حتى إِذا كُنّا بالبَيْداء، أَوْ بذاتِ الجَيْش، انقطعَ عِقْدٌ لي، فأَقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على الْتماسِه، وأَقامَ الناس معه، ولَيْسوا على ماء..
فأَتَى الناسُ إِلى أَبي بكر الصّدّيق، فقالوا: أَلا ترى ما صَنَعَتْ عائشةُ؟
أَقامَتْ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والناسِ، ولَيْسوا على ماء، وليس مَعهم ماءٌ.
فجاءَ أَبو بكر، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسَه على فَخِذي قَدْ نَام، فقال: حَبَسْتِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
والنّاسَ، ولَيْسوا على ماء، وليسَ معهم ماء! فعاتبَني أَبو بكر، وقالَ ما شاءَ اللهُ أَنْ يَقول، وجَعَلَ يَطْعَنُني بيدِه في خاصِرَتي، فلا يَمنعُني من التحرُّكِ إِلّا مَكانُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على فَخذي، فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ أَصبحَ على غيرِ ماء، فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيمّم، فتيمموا..
فقال أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْر: ما هي بأولِ بركتِكم يا آلَ أَبي بكر ...
فَبَعَثْنا البعيرَ الذي كنتُ عليه، فأَصَبْنا العِقْدَ تَحْتَه " 
الفادي المفترِي حَريصٌ على حَذْفِ كلمةِ " رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الرواية، ووضْع الاسمِ المجرَّدِ " محمد " مكانَها.
ولو كان أَميناً في النَّقْلِ لَنَقَلَ العبارةَ كما هي، مع أَنه لا يُؤمنُ أَنَّ محمداً هو رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وصرَّحَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - بأَنَّ اللهَ أَنزلَ آيةَ التيمم في صَباحِ تلك الليلة، فتيممَ المسلمونَ بعدَ نزولِ الآية.
والفادي المفترِي لا يُريدُ الإِخبارَ عن إِنزالِ الوحي من عندِ الله، حتى لو كان يَنْقُلُ من نَصٍّ أَمامَه! ولذلك زَعَمَ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أَمرهم بالتيممِ من عندِ نفسه: " وحَضرت الصبحُ فالتُمِسَ
الماءُ فلم يوجَدْ، فاستَعْوَضَه بالتُّراب "!
وهذه الجملةُ غيرُ مذكورةٍ في الأَصل!
لكنَّها من تلاعُبِ الفادي وتحريفه.
ومِنْ تَلاعُبِ الفادي وتحريفه زَعْمُه أَنَّ أَبا بكر شَتَمَ ابنَتَه عائشة - رضي الله عنهما -، وقالَ لها: " بُنَيَّة: في كلِّ سَفَرٍ تكونينَ بَلاءً وعناءً على الناس! ".

ولا أَدري من أَينَ جاءَ المفترِي بهذه العبارة.
مع أَنَّ عائشةَ - رضي الله عنها - كانَتْ موضعَ ثَناء، وانظرْ ما أَجْمَلَ ما قالَه أُسَيْدُ بنُ حُضيْرٍ - رضي الله عنه -: ما هي بأولى بركاتِكم يا آلَ أَبي بَكْر.
واللهُ حَكيم، فهو الذي قَدَّرَ أَنْ يُقطعَ عِقْدُ عائشةَ - رضي الله عنها -، وقَدَّرَ أَنْ يَبْرُكَ عليه البَعيرُ، وأَنْ يتَأَخَّرَ المسلمون في البحثِ عنه، وذلك ليضطروا إِلى التيمم، ويُنزل اللهُ عليهم برحمتِه آيةَ التيمم، واللهُ عليمٌ حكيم! لكن هذا معنى لا يَنتبهُ له الفادي؛ لأَنه محجوبٌ عن الله!!.
وقَدَّمَ الفادي حَديثاً غَريباً في التيمم، لا أَدْري من أَينَ جاءَ به، قال:
" جاءَ في الحديثِ: "الصَّعيدُ الطيبُ وضوءُ المسلم، ولو إِلى عَشْرِ سنين، حتى يَجِدَ الماءَ، وإِذا وَجَدَهُ فَلْيُمسَّه جِلْدَه"!!.
وزعمَ المفترِي أَنَّ عائشةَ - رضي الله عنها - خَرَجَتْ مع رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غزوةٍ أُخرى، وأَنها أَضاعَت فيها عِقْداً آخَرَ لها، وأَنَّ اللهَ أَباحَ للمسلمينَ التيمم: " وعن عائشةَ قالَتْ: لما كانَ من أَمْرِ عِقْدي ما كان، وقال أَهْلُ الإِفْكِ ما قالوا خَرَجْتُ مع محمدٍ في غزوةٍ أُخرى، فسقطَ أَيضاً عِقْدي، حتى حَبَسَ الناسَ عن التماسه..".
وعَلَّقَ المفترِي على هذه الحادثةِ بكلامٍ خَبيت، فقال: " ونحنُ نسأَل:
كانَتْ عائشةُ سببَ مشكلةٍ لمحمدٍ في الغزوةِ التي اتُّهِمَتْ فيها مع صفوانَ بن
المعَطّل، فلماذا أَخَذَها معه في غزوةٍ أُخرى؟! ".
وزَعَمَ الفادي المفترِي أَنهما حادثَتان مُختلفتان، أَضاعَتْ عائشةُ في كُل
حادثةٍ عِقْداً، وأَنزل اللهُ في كُلِّ حادثةٍ آية تبيحُ التيمم، وهذا جهلٌ منه، فلم تكنْ إِلّا حادثةً واحدة، وهي التي رَواها البخاريُّ ومسلمٌ عن عائشة - رضي الله عنها -.
وادَّعى المفترِي أَنَّ حادثةَ فَقْدِ العِقْدِ وإِنزال آيةِ التيمم هي نفسُ حادثةِ
حَديثِ الإِفْك، عندما اتَّهمَ المنافقونَ عائشةَ - رضي الله عنها -، وهو ادِّعاءٌ باطل، فحادثةُ فَقْدِ العِقْدِ غيرُ حادثةِ حَديثِ الإِفْك.

والعبارةُ التي ذَكَرَها المجرمُ في اتهامِ عائشةَ - رضي الله عنها - فاجرة، أَرادَ بها تأكيدَ اتِّهامِها في عِرْضِها.
قال: " كانتْ عائشةُ سببَ مشكلةٍ لمحمدٍ في الغزوةِ التي
اتُّهِمَتْ فيها مع صفوانَ بنِ المعَطّل ".
وصَفوانُ بنُ المعَطّل صحابيٌّ جَلِيلٌ - رضي الله عنه -، وهو الذي اتَهَمَ المنافقونَ المجرمونَ عائشةَ - رضي الله عنها - به، وقد أَنزلَ اللهُ براءةَ عائشةَ في آياتِ سورةِ النور، وذَمَّ الذين اتَّهموها في عِرْضِها، وأُقيمَ عليهم حَدُّ القَذْف.
وقد تكلمَ الفادي على التيمم بوقاحةٍ وسوءِ أَدَب.
قال: " ما معنى الاستعاضة عن الماءِ بالتراب؟
أَليستْ هذه قذارة ومَدْعاة للمرضِ لا للصحة؟
وأَيُّ عاقلٍ يَتصوَّرُ في الماءِ أَو الترابِ تكفيراً عن الذنوب؟ ".
إِنه يُخَطِّئُ القرآنَ في تشريعِه التيممَ عند فَقْدِ الماء، أَو العجزِ عن
استعمالِه، ويتهمُ التيممَ بأَنه قَذارةٌ ومَدْعاةٌ للمرض، وهذا اتِّهامٌ للهِ سبحانَه، وتَخْطئةٌ له في أَحكامِه وتَشريعاتِه، وتَكذيبٌ له في أَوامِرِه وتوجيهاتِه.
فاللهُ يَقولُ في بيانِ حكمةِ التيمم: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) .
وهو يُكَذِّبُ كَلامَ اللهِ فيقول: " وما معنى الاستعاضةِ عن الماءِ بالتراب؟
أَليستْ هذه قذارة ومَدْعاة للمرضِ لا للصحة؟ ".
والوُضوءُ أَو التيممُ تَطهيرٌ للمؤمن وتكفيرٌ له عن سيئاتِه وذُنوبه، والفادي
المفتري يَرفضُ ذلك قائلاً: " وأَيُّ عاقلٍ يَتَصَوَّرُ في الماءِ أَو الترابِ تكفيراً عن
الذنوب؟ " وما درى الجاهلُ أَنَّ تَنفيذَ أَوامرِ اللهِ تطهيرٌ ومغفرةٌ للذنوب.
وقد أَخْبَرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الوضوءَ تكفيرٌ للذنوب.
روى مسلمٌ عن أَبي هريرةَ ل به: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: " إِذا تَوَضَّاَ العبدُ المسلمُ، فَغَسَلَ وَجْهَه، خَرَجَ من وجهِه كُلُّ خَطيئةٍ نَظَرَ إِليها بعيْنَيْه، معَ الماءِ، أَو معَ آخَرِ قَطْرِ الماءِ، فإِذا غَسَلَ يَدَيْه، خرَجَ من يَدَيْه كُلُّ خطيئةٍ كانتْ

بطشَتْها يَداهُ، مع الماء، أَو مع آخِرِ قَطْرِ الماءِ، فإذا غَسَلَ رجْلَيْه، خرجَتْ كُلُّ خطيئةٍ مَشَتْها رِجْلاه مع الماء، أَو معَ آخرِ قَطْرِ الماء، حتى يَخرجَ نقيّاً من
الذُّنوب! ".

Powered by Vivvo CMS v4.7